خيرالله خيرالله: ليس بين هؤلاء العرب من يريد بيع الفلسطينيين أوهاما... باستثناء أدوات ايران المنتشرين بشكل ميليشيات مذهبيّة في كلّ انحاء المشرق العربي وصولا الى اليمن!
زاوية الكتابكتب خيرالله خيرالله مايو 11, 2021, 11:29 م 1138 مشاهدات 0
يكشف تجدّد رفض الفلسطينيين الأمر الواقع الذي تسعى إسرائيل الى فرضه في القدس أموراً عدّة. في مقدّم هذه الأمور، بعيداً عن المزايدات والشعارات الفارغة وصواريخ «حماس» المضحكة المبكية، أنّ الشعب الفلسطيني موجود ولا يزال يقاوم. ليس في استطاعة أيّ جهة إلغاء الشعب الفلسطيني.
هذه باختصار عبارة تختزل كلّ ما جرى ومازال يجري، خصوصاً في القدس.
ما تشهده القدس من دفاع الفلسطينيين عن بيوتهم وأرضهم في حي الشيخ جراح يؤكّد الحاجة الى تسوية سياسية تأخذ في الاعتبار حقوق شعب موجود على خريطة الشرق الأوسط.
لابدّ في نهاية المطاف من خيار الدولتين مع ما يعنيه ذلك من قيام دولة فلسطينية مستقلّة عاصمتها القدس الشرقيّة المحتلّة في العام 1967.
كشف الفلسطينيون الذين هبّوا لنصرة حيّ الشيخ جرّاح والقدس بمقدساتها المسيحية والإسلاميّة كلّ من ادّعى المتاجرة بقضيتهم.
كشفوا قبل كلّ شيء السلطة الوطنيّة الفلسطينية التي تذرّع رئيسها محمود عبّاس (أبو مازن) بالقدس من أجل تأجيل الانتخابات الفلسطينية الى أجل غير مسمّى.
تغطّى بالقدس لتأجيل الانتخابات بعد رفض إسرائيل مشاركة أهل المدينة فيها.
يبدو أن إسرائيل صارت تقرّر هل تجري انتخابات فلسطينية أم المطلوب تأجيل مثل هذه الانتخابات.
هذه هي نقطة الضعف الرئيسية في منطق السلطة الوطنيّة.
كلّ ما في الأمر أن «أبو مازن» اكتشف ان «فتح» لن تفوز في الانتخابات وان لائحة «فتح» ستواجه منافسة من لائحتين فتحاويتين أيضاً هما لائحة ناصر القدوة ولائحة محمّد دحلان.
كشفت القدس، «حماس» التي أخذت قطاع غزّة رهينة.
وحوّلته سجنا في الهواء الطلق لمليوني فلسطيني.
سارعت «حماس» الى نجدة إسرائيل وذلك باطلاق صواريخ من غزّة.
لا نفع لهذه الصواريخ في الوقت الحاضر سوى خدمة إسرائيل التي تبحث عن عدوّ خارجي تبرر به سياسة الاستيطان وسياسة الاستيلاء على الأراضي والممتلكات الفلسطينية في القدس.
تسعى «حماس» الى استغلال الثورة الشعبيّة على الاحتلال في القدس كي تؤكّد أنّها موجودة.
نعم إن «حماس»، التي تنتمي الى التنظيم الدولي للاخوان المسلمين، موجودة.
لكنّها موجودة لأنّ كلّ ما فعلته منذ تأسيسها صبّ في خدمة اليمين الإسرائيلي.
كشفت القدس أيضا ايران التي تحتفل سنويّا بـ«يوم القدس».
لم تستطع ايران في يوم من الأيّام تقديم خدمة الى القدس والى الفلسطينيين باستثناء التهديد بإزالة الكيان الصهيوني في دقائق. كلّ ما فعلته «الجمهوريّة الإسلاميّة» هو اطلاق الشعارات والمزايدة على العرب.
كلّ ما فعلته عمليا هو محاربة ياسر عرفات عن طريق «حماس» والعمليات الانتحارية التي نفّذتها في مرحلة معيّنة بهدف واضح كل الوضوح هو أخذ إسرائيل الى اليمين أكثر.
ليس صدفة انّ بنيامين نتنياهو في موقع رئيس الوزراء منذ 12 عاماً... ولا قضيّة لديه سوى القضاء نهائيا على خيار الدولتين!
كشفت القدس إسرائيل حيث فراغ سياسي لا سابق له. لا همّ لدى الأحزاب الإسرائيلية، في معظمها، سوى التخلّص من «بيبي» الذي ضاقت أكثرية الاسرائيليين ذرعا به.
يؤكّد ذلك تفضيل اليميني المتطرّف نافتالي بينيت التعاون مع الوسطي يائير لابيد على التعاون مع نتنياهو من اجل تشكيل حكومة جديدة.
لا وجود في إسرائيل، التي أجريت فيها أربع انتخابات في سنتين، لقيادة سياسيّة قادرة على اتخاذ قرار في شأن التسوية مع الفلسطينيين. لا يوجد، الى الآن، سياسي إسرائيلي يمتلك ما يكفي من الشجاعة للاعتراف بأن الشعب الفلسطيني لن يختفي من الوجود بين ليلة وضحاها وأنّ لديه حقوقه «غير القابلة للتصرّف» باعتراف الأمم المتحدة.
الأكيد ان لا وقت للإدارة الأميركية الجديدة للاهتمام بالشأن الفلسطيني - الإسرائيلي. لم تقل الإدارة يوما بلسان أيّ مسؤول فيها إنّ هناك أولويّة لهذا الشأن.
الإدارة منشغلة حاليا بأمور أخرى، بينها ايران والصين وروسيا، والأهمّ من ذلك كلّه الوضع الداخلي في الولايات المتحدة.
من دون تحسّن الاقتصاد خلال أشهر ومن دون تقدّم كبير في مواجهة «كوفيد - 19» وآثاره ستخسر الإدارة مجلسي الكونغرس في انتخابات لا يفصل عنها سوى سنة ونصف السنة.
هذا معناه أن إدارة بايدن ستتحوّل الى بطة عرجاء لا أكثر. وهذا ما يشغل بال الرئيس الأميركي قبل أيّ شيء آخر.
ثمّة من سيسأل أين العرب؟ هناك عرب تستخدمهم إيران للمتاجرة بالقضيّة الفلسطينية تحت شعار «المقاومة والممانعة». على رأس هؤلاء النظام السوري الذي لا يريد الاعتراف بأنّه انتهى وسيبقى يمارس هوايته المفضّلة، أي إعطاء كل التبريرات كي يكون الاحتلال الإسرائيلي للجولان ابديّا.
وهناك عرب آخرون صادقون.
ليس بين هؤلاء العرب من يريد بيع الفلسطينيين أوهاما... باستثناء أدوات ايران المنتشرين بشكل ميليشيات مذهبيّة في كلّ انحاء المشرق العربي وصولا الى اليمن!
من يسأل اين العرب، عليه ان يسأل نفسه أوّلا هل تركت ايران أي دولة عربيّة تهتم بفلسطين بعدما افلتت ميليشياتها في المنطقة؟ لا توجد فضيحة اكبر من فضيحة ابتزاز المملكة العربيّة السعوديّة عن طريق اليمن وصواريخ الحوثيين... والسعي الى اسقاط الحكومة العراقيّة برئاسة مصطفى الكاظمي عن طريق اغتيالات تنفّذها مجموعات ذات انتماءات معروفة كما حصل أخيراً في كربلاء.
ليس أمام الفلسطينيين سوى أخذ أمورهم بيدهم.
وهذا ما فعلوه.
لا خيار آخر امامهم بعد انكشاف الأمور إقليميا ودوليا وحتّى في الداخل الفلسطيني.
في نهاية المطاف، لابدّ ان يأتي اليوم الذي سيتوجب فيه على إسرائيل مواجهة الحقيقة، بما في ذلك ان القدس الشرقيّة محتلّة وانّ الاحتلال لا يمكن ان يستمرّ الى الابد.
ما الذي يمكن لاسرائيل عمله، بكلّ جبروتها، في مواجهة ما يصل الى ثمانية ملايين فلسطيني بين البحر والنهر، بين البحر المتوسّط ووادي الأردن، هذا عدا الفلسطينيين المنتشرين في مختلف انحاء العالم؟
عاجلا ام آجلا، لا مفرّ من أصوات عاقلة إسرائيل نفسها، أصوات تعترف بانّ لا مفرّ من التعاطي مع الواقع وانّ القدس العربيّة كشفت الجميع.
كشفت انّها مدينة محتلّة تمتلك من يدافع عنها ومن يضع حدّا لجنون استمرّ طويلا، جنون غذّاه التطرف داخل إسرائيل وخارجها، أي ما يسمّى حلف المتطرّفين في المنطقة!
تعليقات