‫وليد الجاسم: الشيخ صباح الخالد الأمانة على كاهلك ثقيلة جداً والنهوض بها يحتاج إلى قرارات جريئة جداً ونرجو ألا يتحول مستقبلنا إلى صرح من خيال‬

زاوية الكتاب

كتب وليد الجاسم 920 مشاهدات 0


لماذا اهتم الكويتيون كثيراً بمتابعة اللقاء التلفزيوني لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان؟ ولماذا فاق اهتمامهم بهذا اللقاء كل شيء آخر حتى تصدر وسمه «الترند» الكويتي وتربع على قمته ؟

إنه المستقبل، نعم... المستقبل، والنظرة إلى المستقبل والعمل للمستقبل والتشريع للمستقبل والتخطيط للمستقبل والجرأة في كسر التابوهات المعيقة للمستقبل والقدرة على التخطيط من دون قيود وعراقيل.

إنها «رؤية» وليست «رؤيا»، إنها حقيقة وليست حلماً غير قابل للتطبيق، ولهذا لا يسمح لأي عائق أن يواجهها أو يعرقل مسيرتها، حتى لو كان هذا العائق من الموروث الاجتماعي أو الموروث الاجتماعي الملبس بالديني لتحويله إلى مقدس.

هذا المستقبل، يا سمو الشيخ صباح الخالد، هو قلقنا وهو شغفنا، هذا المستقبل الذي نرى كل دول المنطقة تعمل لضمانه وتجتهد لمواجهته هو ضالتنا المفقودة في الكويت، وبينما يخطو الغير لتحقيق حلم المستقبل الذي يريدون، نجدنا وقد حولنا حلمنا بالمستقبل إلى صرح من خيال نخشى أن يهوي في أي لحظة.

لقد كشف لنا بن سلمان بوضوح أمس عن السر الكبير في قراراته وجرأته، إنه «الشغف»، فمن يمتلك الشغف يمتلك الحافز والرغبة والإصرار والعزيمة، ومن دون امتلاك أي مسؤول للشغف لا تنتظروا منه إبداعاً ولا إنجازاً.

والشغف ليس نبتاً شيطانياً ينمو بالصدفة، بل هو إرادة وعزيمة وإصرار، يحتاج إلى رعاية وإلى تحفيز وإلى حماية أيضاً، وبينما نراقب رعاية الشغف وحمايته في الشقيقة الكبرى، نلحظ في الكويت مع الأسف الشديد أن هناك الكثير من الغباء الإداري في القطاعين العام غالباً والخاص أحياناً، غباء يتفنن أصحابه في إخماد شعلة الشغف لدى أي فرد وإضعافه، وصولاً إلى قتله وتحويل الشغوفين المتحمسين إلى حفنة من اليائسين.

هل سمعتم كيف انتزع بن سلمان من وزارة المالية بكل قدرتها على خنق الشغف حق عمل الموازنة العامة للدولة وتحويل هذا الحق إلى مكتب خاص برعايته، بينما تتحول وزارة المالية إلى ما يشبه خدمة الصندوق؟

هل سمعتم كيف تحدث عن خططه لخلق الفرص الاستثمارية وفرص العمل والنهوض بالتعليم والطموحات وكفاءة الوزراء والوكلاء والصف الثاني من القيادة الحكومية وبناء الإنسان السعودي ليكون قادراً على إيجاد العديد من البراميل التي تنبع منها الخيرات فلا يبقى السعودي إلى الأبد أسيراً لبرميله الوحيد... النفط ؟

هل رأيتم كيف تخطت جرأة الأمير القرارات الشجاعة ليصل إلى منبع المشكلة المتمثلة في «الموروث»؟، حتى الموروث متى كان عائقاً يجب أن يُنسف، ومن هنا رأيناه كيف تحدث بأريحية ودقة عندما سأله محاوره عن «الوهابية»، فقال إن باب الاجتهاد يجب ألا يغلق، ورفض بوضوح تقديس فكر البشر الذي يقود بالضرورة إلى تقديس البشر؟

أيها السيدات والسادة ممن هم في سدة القرار الكويتي، لا نريد الحديث أكثر عن تفاصيل اللقاء فهو موجود وبإمكان أي مهتم أن يشاهده. ولكن ما نرغب في إيصاله لكم هو التالي:

أبناؤنا بتنا نخشى عليهم أكثر من أي يوم مضى من قادمات الأيام إذا استمرت الأمور على منوالها في الكويت.

أحفادنا صرنا نعجز عن تصور مستقبلهم في غيابنا بعدما يأخذ الله أمانته وتعود أرواحنا إلى بارئها، وعندها سوف نُسأل في يوم الحساب:

هل أدينا الأمانة ؟

هل أرواحنا ستعود إلى بارئها راضية مرضية؟

ختاماً...

الشيخ صباح الخالد، الأمانة على كاهلك ثقيلة جداً، والنهوض بها يحتاج إلى قرارات جريئة جداً، ونرجو ألا يتحول مستقبلنا إلى صرح من خيال.

تعليقات

اكتب تعليقك