‫د.فيصل الشريفي: إصلاح المسار الديمقراطي يتطلب الكثير من الصدق في النيات واحترام فصل السلطات وهنا بيت القصيد فمن غير المقبول تدخل البرلمان في أعمال الحكومة‬

زاوية الكتاب

كتب د. فيصل الشريفي 609 مشاهدات 0


بالرغم من أن المشرع سمح بالتعديل على دستور دولة الكويت وفق آلية مقيدة حددتها المادة (174) فإنني في كل مرة أقرأ فيها المذكرة التفسيرية أجد نفسي أتراجع عن فكرة القبول بالتعديل على أي مادة من مواده. 

من الصفات التي قام عليها دستور دولة الكويت الجمود والجمع بين النظام الديمقراطي والرئاسي إلا أنه مال إلى الأول، حيث أعطى الحق المطلق لسلطة الرقابة الشعبية في محاسبة السلطة التنفيذية ممثلة برئيس الوزراء والوزراء كل في مجال اختصاصه، وحرم الحكومة من ممارسة هذا الحق، رغم أنه سمح لها بالتصويت والمشاركة في بقية القضايا الأخرى.

البعض يرى أن الممارسة الديمقراطية منقوصة بسبب غياب الأحزاب، وأن أي ديمقراطية لا تقوم على تمكين الأحزاب بدءاً بحق تشكيل الحكومة أمر معيب لا يستقيم مع قواعد العمل بالنظام الديمقراطي، وهم محقون فيما ذهبوا إليه، إلا أن منظومة الأحزاب المستترة القائمة بدولة الكويت قد فشلت في الانفتاح على مكونات المجتمع الكويتي بعدما حصرت عملها في المكاسب الفئوية والحزبية.

مع غياب الثقة بالأحزاب المدنية ظهرت صورة أخرى من صور العمل الجماعي لسد هذا الفراغ تمثلت في الكتل البرلمانية رغم اختلاف مشارب أعضائها لتكون البديل الناجح في بعض الأحيان وفي بعض المواقف.

إصلاح المسار الديمقراطي يتطلب الكثير من الصدق في النيات، واحترام فصل السلطات، وهنا بيت القصيد، فمن غير المقبول تدخل البرلمان في أعمال الحكومة، وكذلك مسايرة الحكومة وقبولها بهذا التدخل السافر، والسماح لهم بتأدية دور الوسيط بين الأعضاء وأفراد الشعب.

ما يحز في الخاطر ومع كل أزمة سياسية توجيه أصابع الاتهام إلى الدستور الكويتي، وكأنه هو المسؤول عن التصرفات السلبية التي تقوم بها الحكومة والنواب على حدّ سواء، فلو التزم كل طرف بمواد الدستور لما سمعنا بنائب يمثل الحكومة ولا وزير لديه صك براءة من النواب ولا بحكومة المحاصصة.

بالرغم من ميل الحكومة إلى التهدئة فإن من يراهن على عودة التعاون الحكومي البرلماني كمن يراهن على المستحيل بسبب انعدام الثقة وإصرار كل طرف على مطالبه، حيث مازالت حالة الضبابية سيدة الموقف رغم حاجة البلد للخروج من هذا الوضع بالبحث عن ملاءمة سياسية دون تفريط وإفراط.

خارج الصندوق 

يقال إن منصب الوزير سياسي بالدرجة الأولى والجانب المهني منه يقتصر على متابعة تطبيق السياسات العامة التي تعتمدها الحكومة في برنامج عملها، لكنه على أرض الواقع مغاير تماما بسبب تدخل الوزير في كل صغيرة وكبيرة، لذلك لا يمكن التنبؤ بنجاح أي برنامج عمل ما دام الوزير لا يقدّر دوره السياسي.

ودمتم سالمين.

تعليقات

اكتب تعليقك