حسن العيسى: لا جدوى من الكلام عن حرية التعبير بما فيها حريات الضمير مع ثقافة الهوية الوحيدة الرافضة للتعددية والليبرالية
زاوية الكتابكتب حسن العيسى مارس 15, 2021, 10:47 م 640 مشاهدات 0
بدلاً من إثارة غبار معارك "دون كيخوتية" لا تؤخر ولا تقدم في دولة "الديمقراطية المشيخية" (الصفة هنا تنفي حقيقة الموصوف)، فأسهل طريق لتحقيق العدالة في قضية إبطال عضوية النائب الداهوم، بعد صدور حكم "الدستورية"، هو التوافق بين النواب "الشرفاء" وغير الشرفاء، نواب المعارضة وغير المعارضة، نواب الحكم ونواب إصلاح الحكم، وكلهم في النهاية الولادة الطبيعية لنظام الحكم المستأثر الأبدي بالسلطة، على تعديل الفقرة الثانية من المادة "2" المعدلة بالقانون رقم 27 لسنة 2016. غير هذا؛ مثل عدم حضور جلسة القسم والدخول في متاهات تعديل قانون المحكمة الدستورية، كلها أمور لا جدوى منها في الوقت الحاضر، (كما قال الناشط السياسي أنور الفكر) مع هذه السلطة وطبيعة المجلس الذي فيه نواب شرفاء ونواب غير شرفاء، فيه نواب حكومة ونواب لا للحكومة... إلخ، وآسف لتكرار العبارات في بلد عاداتنا وتقاليدنا ويا رب لا تغير علينا.
من يذكر كيف حشرت إضافة فقرة التعديل في عام 2016 بإضافة نص المساس بالذات الأميرية؟ فهذه جريمة يعاقب عليها قانون الجزاء أساساً، فلماذا تم رصها في شروط الانتخاب والترشيح؟ كانت إضافة الفقرة تمثل الحل الوسط لمحاولات سابقة من مجلس 2012 المبطل، حين تراكض نواب إسلاميون وغير إسلاميين، محافظون وغير محافظين، حكوميون (ومعهم الماما حكومة بكامل طقم أسنانها بمن فيهم رئيس الوزراء الحالي) وغير حكوميين، شرفاء وغير شرفاء، إلى آخره (آسف، مرة ثانية على تكرار العبارات في بلد يا رب لا تغير علينا)، لوضع نص يمثل عقوبة الإعدام للمسيء للذات الإلهية والأنبياء والصحابة، ورد المشروع الأمير الراحل صباح الأحمد بحق.
صوّت جميع الشطار (ولن أعيد وصفهم) بكل حماس في سباق المزايدة والتكسب من الغثاء الشعبي، عدا النواب الشيعة الذين رفضوا التعديل، ويقال إنهم أرادوا وضع الأئمة الاثني عشر في النص المقترح! الشاطر محمد الصقر (ناشر هذه الجريدة) هو الصوت اليتيم الذي رفض التعديل، مثلما صوّت قبله، بشجاعة تقدمية، في البداية والده المرحوم جاسم الصقر على رفض تعديل حرمان غير المسلم من كسب الجنسية الكويتية في بداية الثمانينيات.
أي ديمقراطية وأي دستور بنصوص دمرتها قوانين لاحقة، ونحن مازلنا نستظل بهذه الثقافة اللاهوتية، التي تستلهم الاستبداد بثبات الحكم وسلطانه، حين تستجدي المعتقد الديني وتفرض محرماته، وتفصل القوانين على حالات فردية ناشزة لممارسة استبداد الأغلبية؟!
لا جدوى من الكلام عن حرية التعبير، بما فيها حريات الضمير، مع ثقافة الهوية الوحيدة الرافضة للتعددية والليبرالية، اليوم الداهوم، وحرمان آخر يستطيل ليمتد لغيره، لا حلول وسط في قضية الحريات وتقدم مجتمعاتنا هذه التي وضعت "هوية الدولة" في مقدمة دساتيرها، ومارست التلفيق والرياء.
هذا الكلام لن يرضى الكثيرون به، لكنه واقع، ألغوا الفقرة الثانية التي تأسس عليها حكم المحكمة الدستورية الآن، فهذا أضعف الإيمان، والتفتوا لكارثة الاقتصاد والوضع المالي لدولة الأمور لا تحتمل التأخير، افتحوا الديرة الله يفتح عليكم.
تعليقات