‫وليد الغانم: لا شك أننا جميعاً نقدر الظروف الاستثنائية بسبب جائحة كورونا وتقديم السلامة العامة للمجتمع أولاً لكن الظروف الاستثنائية تحتاج أيضاً إلى حلول استثنائية‬

زاوية الكتاب

كتب وليد الغانم 830 مشاهدات 0


عام كامل مرّ على انقطاع الطلاب بمختلف مراحلهم عن المدارس والتعليم الحقيقي بسبب جائحة كورونا، الآثار العميقة لابتعاد الطلاب عن التعليم الطبيعي لم تظهر بعد، وإن كان أولها تفشياً هو ظاهرة الغش في الواجبات اليومية والاختبارات سواء في المدارس أو حتى في بعض الكليات والمعاهد، وهو موضوع أخلاقي تساءل عنه الأسرة قبل المدرسة في توجيه الأبناء للنزاهة في التعليم والابتعاد عن خطوات الحرام في العلم والرزق، ونتائج العام الدراسي الماضي شاهد على تساوي الطالب المجتهد بالطالب المهمل في وضع غريب لا نعلم كيف ستواجهه وزارة التربية؟ 

لا يجوز أن ننظر للمدارس على أنها مكان للدراسة فقط يحمل الطلبة الكتب والأقلام ويحضرون الحصص الدراسية ويعودون للبيوت، فالمدرسة بالنسبة إلى الطلاب خصوصاً في مراحلهم التعليمية الأولى بيئة حياتية كاملة، بل هي منزل ثان لهم يقضون فيها نصف يومهم وتنصقل شخصياتهم وتتكون خبراتهم ويفرغون طاقاتهم، وبغياب المدارس فقدت الأسرة كما فقد الأبناء رافداً عظيما من روافد بناء النفس وتكوين الشخصية.

المدرسة هي البيئة الطبيعية المساندة لنمو الأطفال نفسياً وسلوكياً وبدنياً واجتماعياً، وها هي سنة كاملة فاتت افتقد فيها أطفالنا اللعب الحر، والركض في ساعات النهار، وتفريغ طاقاتهم، وتحريك أجسامهم، ومجالسة الأصدقاء، ومخالطة الآخرين، والاعتماد على النفس، والابتعاد قليلاً عن الأسرة والوالدين، والتعليم المباشر التفاعلي، حيث يسمع الطالب المعلومة ويشاهدها، وهذه المهارات الهامة والاحتياجات الضرورية لبناء وتكوين شخصية الطلاب في حياتهم العامة قبل حياتهم الدراسية وتحصيلهم العلمي، فكيف سنعوض الطلبة والطالبات هذه الجوانب الحيوية الناقصة؟

لا شك أننا جميعاً نقدر الظروف الاستثنائية بسبب جائحة كورونا وتقديم السلامة العامة للمجتمع أولاً، لكن الظروف الاستثنائية تحتاج أيضاً إلى حلول استثنائية، ومن الواضح أنه وبعد مرور سنة تعجز وزارة التربية عن التفكير في حلول واقعية ومناسبة وآمنة لعودة التعليم في المدارس والنظر لتجارب الدول في ضمان استمرار التعليم أثناء الجائحة، وأن الخوف ليس من ضياع هذه السنة فحسب، بل إن الخوف أن يستمر هذا الانقطاع الى مدة مجهولة فتكون الكويت من أواخر الدول التي تخطط لعودة الدراسة.

لذلك نناشد مجلس الوزراء الموقر ووزير التربية د. علي المضف الاهتمام بهذه القضية ووضع التعليم كأولوية ولو بمزج التعليم عن بعد مع التعليم الحضوري وبمناهج مخفضة، ومدد قصيرة، وأيام دراسة أقل، ومواعيد مرنة وفق الاشتراطات الصحية مع مراعاة أصحاب الحالات الخاصة من الطلاب والمعلمين، فالتعليم ليس حمل كتب وحضور الفصل الدراسي بل هو أكبر من ذلك.

والله الموفق.

تعليقات

اكتب تعليقك