‫طلال العرب: حلحلة الأزمات المستعصية والمزمنة التي تخيم على الكويت منذ سنوات تحتاج إلى قرارات نافذة وصارمة بلا مجاملات ولا تردد‬

زاوية الكتاب

كتب طلال عبد الكريم العرب 763 مشاهدات 0


لا حلحلة للأزمة السياسية والاقتصادية إلا بحل سيادي بعيدا عن ضغوط مجالس وهيئات معظمها أصبح معرقلا للإصلاح بعد أن هيمنت عليه المحسوبية والمصالح الشخصية، وفاحت من جنباته روائح الفساد، وتحول إلى عبء على المال العام، ومعرقل لتنفيذ حلول سريعة ومستوجبة تنقذ البلد من الحيرة والبلبلة والتردد المخيم على أجهزة الدولة التنفيذية.

حلحلة الأزمات المستعصية والمزمنة التي تخيم على الكويت منذ سنوات تحتاج إلى قرارات نافذة وصارمة بلا مجاملات ولا تردد، قرارات جراحية مؤلمة، ولكنها ضرورية، كان يجب أن تتخذ منذ سنوات، ومن دونها لن يكون وضع الكويت سارا، ولا مطمئنا، ولكن أن تبدأ متأخرا خير من ألا تبدأ أبدا.

الجانب الحكومي بمعظم هيئاته ومؤسساته مترهل وضعيف وبلا كفاءة، ولا التزام، بسبب توزيع المناصب والترقيات باراشوتيا، ولسبب أهم وهو الاستخفاف الواضح لأهمية وضع الرجل القوي الأمين المناسب في المكان المناسب، أما الجانب التشريعي فتتقاذفه الأهواء الشخصية والحزبية والقبلية والطائفية، ومخرجاته لا علاقة له بالكفاءة والوطنية والنزاهة، فكيف يعتمد على نواب يرفضون حتى زيادة غرامات المخالفين بحجج واهية، وينتخبون قبيضة للجان مهمتها كشف المفسدين؟ وهذا وضع لن يخدم الكويت ولن يحلحل أزماتها ومشاكلها المزمنة ولا يحلها، مهما حاول المخلصون فيها.

الحكومة بحاجة إلى جهاز مركزي مستقل يضع أولويات لحل الأهم ثم المهم من مستعصي الأمور، وهي حقيقة مهمة صعبة ومتشعبة، فأمامها واجب تعديل التركيبة السكانية، وأمامها ملفات الفساد الإداري والمالي، والرشوة والتزوير في كل شيء، ابتداء من الجناسي والشهادات، مرورا بالمعاقين والمتقاعدين طبيا، وأخيرا وليس آخرا بالعلاج السياحي والمرضى نفسيا، قائمة طويلة ومتعددة من أوجه التزوير، وقائمة أطول من الصفقات والعمولات بأرقام فلكية، كشفها بشفافية واجب مستحق، واستئصالها بمعاقبة كل حيتان الفساد، ستمتلئ بهم الفنادق والسجون، فليكن، فإنقاذ الكويت منهم هو المهم.

حلحلة الوضع الاقتصادي قد تؤدي إلى فرض الضرائب، والضرائب بالتأكيد ستدر أموالا مجزية على خزينة الدولة، ولكن فرض الضرائب يجب أن يقابله تقديم خدمات أفضل وتحسين للبنية التحتية، وقد يتوجب رفع الدعوم عن كل شيء، يقابله رفع الرواتب بما يعادل كلفة الدعوم، وهذا التوجه بالتأكيد سيرّشد الاستهلاك بشكل كبير جدا، وسيقلل الانفاق وسيضخ المزيد من الأموال المهدورة إلى الميزانية، وسيثبت مصداقية الحكومة بأن جيب المواطن لن يمس.

هناك حاجة ملحة لفرض البديل الإستراتيجي فرضا، هذا البديل سيمس المستجدين على سوق العمل، ولكن يجب أن يستثنى منهم الفنيون وذوو الاختصاصات النادرة والصعبة، ولزيادة الأداء الوظيفي يجب أن يكون هناك ضبط وربط، وأن يطبق مبدأ الثواب والعقاب، والراتب على قدر الجهد، فلا يجوز أن يتساوى من يعمل ومن لا يعمل.

يدور لغط حول تخفيض مركز الكويت المالي عالميا، مع توقع لتخفيض قيمة الدينار أمام العملات الرئيسية، والسؤال هنا: أيهما أفضل للمواطن والدولة فرض الضرائب ورفع الدعوم، أم خفض قيمة الدينار، وهو عمليا كخفض الرواتب؟ وهو إجراء غير مستبعد، لا سمح الله، إذا ما استمر الهدر والسرقات والصفقات والمقاولات المشبوهة، واستمرت سياسة شراء الذمم والولاءات من أموال الدولة وأراضيها.

لا اعتقد بأن أحدا سيقف مع الحكومة في حال قامت بخطوات إصلاحية مؤلمة ما لم تسترد المليارات المنهوبة والأراضي المستولى عليها، وما لم تقيَّم أراضي الدولة بشكل عادل، وما لم ينظَّف البلد من رموز الفساد، يجب أولا كنس البلد كما يكنس الدرج، وكنس الدرج يبدأ من الأعلى إلى الأسفل.

الحقيقة أنه لا بد أن هناك حلولا موجودة لحلحلة الوضع الجامد للكويت، ولا بد أنها حلول مؤلمة للبعض منقذة للجميع من التخبط وهدر الأموال وضياعها على الهبات داخل الكويت وخارجها، فما نفع الكويت من أن تكون بلد الإنسانية والفساد فيها لا تحمله البعارين؟ ولكن لا يمكن حلحلة كل هذه الأمور من دون حل الجهات المعرقلة والمعارضة للإصلاح، فلا حلحلة إلا بحل.

تعليقات

اكتب تعليقك