علي الحويل: خلافات أقطاب المعارضة أخذت زخماً سياسياً فاق الاهتمام بالتعليم وتنويع مصادر الدخل وتطوير خدمات وأداء الدولة
زاوية الكتابكتب علي عبدالرحمن الحويل فبراير 14, 2021, 9:28 م 740 مشاهدات 0
للديموقراطية ثمن لا بد أن تدفعه الشعوب أثناء نضالها من أجلها، سواء كانت منتزعة انتزاعاً من الدكتاتوريات، كما هو حال الديموقراطيات في الغرب، أو كانت هبة أو منحة من الحاكم كالديموقراطيات العربية، والتي عادة ما تكون منقوصة وهزيلة وباهظة الثمن، ولا تتطور بتلقائية ولا بسهولة من خلال التوعية المجتمعية، وإنما تظلّ أسيرة تطور الشعوب الاجتماعي التدريجي والبطيء.
ما نعايشه اليوم في الكويت مزيج مضطرب من الاثنين، منحرف في خواصه عن الديموقراطية - أرقى أنظمة الحكم التي تشيع الحرية والعدل والمساواة وتحفظ حقوق الأمم - إلى العكس من ذلك تماماً، فنحن نغرق في ما أطلق الرومان واليونانيون عليه قديماً مسمى الغوغاء الذي تنتجه الدورانية (اناسيكلوسس)، وهو أحد الأنمطة المعطلة للنماء والتطور والإنجاز، ويشتهر بالصلف والمكابرة في التعامل مع خصومه السياسيين، من الحكومات والأقران، ولا يتردّد في دفع قيادة الدولة إلى الفشل كما هو الحال الآن في الكويت، من إعلان الخروج على الدستور ومبادئه في الفصل بين سلطات البلاد الثلاث، وتحدي إرادة رئيس الدولة وحقه في اختيار رئيس وزرائه، من دون تقديم إستراتيجية عمل واضحة، والتجاوز حتى على اللائحة الداخلية للبرلمان، وسعي حثيث لاستثارة حفيظة الشارع، باجترار قضايا الفساد المالي المنظورة أمام القضاء، في مخالفة صريحة للدستور وقوانين البلاد.
ما هكذا تكون الديموقراطية، ولا هكذا يعمل البرلمان، فهو من صدرت عنه القوانين المقيّدة للحريات، وأتيحت أمام النواب الفرصة تلو الأخرى لتعديل قانون الانتخاب وإصدار قانون العفو العام ولم يقتنصها، وبدت المعارضة بمظهر فئوي، واتخذت من مكافحة الفساد المالي دون غيره من صنوف الفساد - كالسياسي والاجتماعي وهما الأكثر خطورة - منهجاً وحيداً لها، كونه الأكثر استفزازاً للعوام، وحرصت على أن يجمع بين اتباعها شعور طاغٍ بأن من سبقهم في المواطنة، قد استولوا على حقوقهم، ولم يتركوا لهم إلا الفتات، فانشقّ المجتمع الى مكوناته الطبقية الثلاثة، ونشأت العداوة بينها وتعطّل الأداء وتراجع الإنتاج والمستوى على مؤشرات القياس الدولية، وتعطّلت التنمية، ولأن سلاح المعارضة لم يتعدَ ضجيج الميكروفونات، فقد استشرى الفساد.
فخلافات أقطاب المعارضة أخذت زخماً سياسياً فاق الاهتمام بالتعليم، وتنويع مصادر الدخل وتطوير خدمات وأداء الدولة.
تعليقات