‫غانم النجار: من الواضح أن نتيجة الإدارة الحكومية المنفردة بصرف النظر عن التفاصيل لم تؤدِّ إلى تحسن أحوال البلاد ولا تيسير إدارة شؤون العباد ولا القضاء على علنية الفساد على الرغم من توافر 12 جهازاً رقابياً‬

زاوية الكتاب

كتب غانم النجار 438 مشاهدات 0


جاء تكليف سمو الشيخ صباح الخالد بتشكيل حكومة جديدة، كما هو متوقع، وسيليه مرسوم تشكيل الحكومة، ولا جديد في الأمرين، باستثناء أنهما جاءا من رحم أزمة سياسية.

أزماتنا مكررة، لا إبداع فيها، يتغير بعض أشخاصها، ولكنها في جوهرها مكررة، ويعود ذلك إلى ثبات موازين القوى، وعدم استعداد الطرف الأقوى في المعادلة، وهو الحكومة، للتناغم مع روح الدستور، ومحاولات استعادة ما كان يراه البعض، بتنازلات تمت في دستور 1962، وفقدان المحطات الجادة الفاعلة للحوار المفيد المنتج.

حالة الاختلال في موازين القوى أثبتت أن الضمانات الدستورية ليست إلا كلمات على ورق، واتضح ذلك في 1967 و1976 و1986، وما جرى منذ 1999 من حل لمجالس مرات عديدة، أحياناً لسبب وأكثرها دون سبب واضح.

العملية السياسية ليست بالنوايا، ولكن بالأفعال والنتائج، فالأعمال بالنيات عند رب العالمين، لا عند البشر... تلك الأفعال جاءت بمشروع تنقيح الدستور الحكومي في 1980، وفي 1982، وبإنشاء المجلس الوطني في يونيو 1990، أي قبل الغزو بشهرين، كنموذج بديل عن مجلس الأمة، أما النواب فقوتهم في الدعم الشعبي لهم، وهو أمر غير مستمر، فإن تبعثر ذلك الدعم الشعبي يصبحوا ظلاً لقوة.

الخيارات ليست كثيرة، وربما يكون الصدام الصفري، هو رفض النواب التشكيل والتكليف، ويتم ذلك بعدم تمكين الحكومة من أداء اليمين الدستورية، بالانسحاب من الجلسة، وإفقادها النصاب، مشابَهة لما جرى في أزمة المادة 131 من الدستور في أواخر 1964، إلا أن الحصول على أغلبية تأييداً لاستجواب شيء، والحصول عليها لإفقاد النصاب شيء آخر؛ وهو خيار سيؤدي إلى حل المجلس، وهو أمر صار مكرراً إلى درجة مملة. البديل الآخر، وهو غير كافٍ وحده، هو التروي في التشكيل الحكومي قدر الإمكان، وإدخال عناصر نيايبة فاعلة من النواب في الحكومة، كما جرى في مجلسَي 1992 و1996، حيث خففوا التوتر بين السلطتين، وهو ما نصحت به بعد انتخابات 2020، لكن تم تجاهله، كذلك زيادة مشاركة المرأة في الحكومة. الخيار الثالث وهو الأنجع والأفضل، أن يتم فتح حوار جدي، بقضايا محددة معروفة وسقف زمني، بين النواب والحكومة، وربما من خارجهم، للتفاهم حول مستقبل البلاد، وتغيير نهج إدارة الدولة، وليس فقط نزع فتيل أزمة قادمة، تليها أزمة أخرى.

من الواضح أن نتيجة الإدارة الحكومية المنفردة، بصرف النظر عن التفاصيل، لم تؤدِّ إلى تحسن أحوال البلاد، ولا تيسير إدارة شؤون العباد، ولا القضاء على علنية الفساد، على الرغم من توافر 12 جهازاً رقابياً.

العملية السياسية لدينا بوضعها الحالي محدودة الأفق، قد تحقق انفراجاً هنا أو انفراجاً هناك، وانكسارات أكثر، فالحكومة فيل ضخم بحاجة دائمة إلى تأكيد التزامه بروح ومبادئ الدستور، قولاً وفعلاً، حتى لا يدوس على ما تبقى من الزرع، وحتى لا نكرر المقولة الشعبية "المرعى خضر بس العنز مريضة".

تعليقات

اكتب تعليقك