خالد الطراح: لا أبالغ بالقول إن الشيخ ناصر صباح الأحمد اجتمعت فيه فعلاً وقولاً ومنهجاً مقومات العمل المؤسسي وهو ما برهنت عليه قراراته الحصيفة والشجاعة
زاوية الكتابكتب خالد الطراح ديسمبر 26, 2020, 10:58 م 287 مشاهدات 0
ودعت #الكويت وطناً وشعباً صباح يوم الإثنين 21 ديسمبر 2020 المغفور له بإذن الله الشيخ ناصر صباح الأحمد الصباح، فهو المواطن الذي تميز بالنقاء والشفافية والتواضع والوفاء والصراحة المطلقة والتكوين الثقافي والوطني.
فقد تمتع الراحل ناصر صباح الأحمد الصباح بمنزلة اجتماعية رفيعة بين فئات وشرائح الشعب الكويتي كافة، فضلا عن استحقاقه مكانة دولية رفيعة تقديراً لثروته الثقافية، ممثلة في المقتنيات الأثرية التاريخية الاسلامية، التي كونها مع قرينته الشيخة حصة صباح السالم، تحت مظلة دار الآثار الإسلامية، حيث جالت هذه المقتنيات الثمينة والنادرة الساحة الدولية كسفير مخضرم باسم الكويت.
يبدو الراحل ناصر صباح الأحمد للوهلة الأولى مكابداً لاهتمامات أثرية تاريخية، ولكن في الحقيقة والواقع كان ايضاً مواطناً مثقلاً بالحس الوطني، ومهموماً بالشأن السياسي والإصلاح الشامل والتنمية المستدامة، وقد تجلى كل ذلك في صفحات مجلة «الزمن»، التي ملكها ووجهها بشكل علني وليس كالآخرين، الذين مولوا نوافذ اعلامية لمصالح غير وطنية.
حملت مجلة «الزمن»، ولعدة سنوات، رؤية جريئة ومعمقة في التحليل وتوجيه سهام النقد لمتخذي القرار ضمن أسرة الصباح الحاكمة وخارجها حكومياً أيضاً، وكان ناصر صباح الاحمد مدافعاً صلباً عن رؤاه السياسية والاقتصادية ومواقفه الوطنية، وداعماً للنهج الديموقراطي الكويتي ومتطلبات الإصلاح السياسي الشامل من أجل مستقبل زاهر وواعد للكويت.
لا أبالغ بالقول إن الشيخ ناصر صباح الأحمد اجتمعت فيه فعلاً وقولاً ومنهجاً مقومات العمل المؤسسي، وهو ما برهنت عليه قراراته الحصيفة والشجاعة بعد توليه وزارة الدفاع في التصدي لملفات فساد وإحالتها الى النيابة العامة، من دون تردد يذكر أو خشية من ردود فعل الأطراف المعنية في شبهات فساد أو مجلس الوزراء، بل اتخذ قراراته منتصراً لمصلحة الكويت تجسيداً لقناعاته ومسيرته الوطنية.
قاد الراحل ناصر صباح الأحمد ثورته الاصلاحية ضد الفساد بعلانية مطلقة، متحملاً بمفرده تبعات وتداعيات هذه الرحلة الوعرة سياسياً واجتماعياً، بل واصل بكل بسالة وشفافية حملته ضد الفساد والمفسدين بعد الخروج من العمل الوزاري عبر فضاء تويتر.
فقد حصدت تغريدته في 23 يوليو 2020 تفاعلاً واسعاً بين أوساط مختلفة وفئات عمرية متفاوتة، حين قال نصاً «محاربة الفساد معركة تبدأ بتطهير مؤسسات الدولة من فاسديها ومن ارتبط بهم دون تمييز، خصوصاً في ظل ظروف اقتصادية صعبة، فلا تنمية ولا عدالة في الدولة بوجود الفاسدين في مؤسساتها. وغير ذلك لا يكون إلا إفسادا فوق إفساد، وما نراه أقل مما نتمناه».
غادرنا الشيخ ناصر صباح الأحمد الى دار الحق تاركاً إرثاً عظيماً في ضمائر الشعب الكويتي في شتى ميادين الحياة، لاسيما السياسية والاقتصادية، فاليوم يتحول هذا الإرث الى وصية وطنية في أعناق أصحاب القرار السياسي في الحكومة ومجلس الأمة والشعب الكويتي ككل، فقد كان الراحل ناصر صباح الأحمد خير قدوة في عالم السياسة والاقتصاد والتنمية.
أدعو الأخ الفاضل الشيخ صباح الخالد، رئيس مجلس الوزراء، إلى الإعلان رسمياً عن تبنيه شخصياً متابعة جميع البلاغات المقدمة إلى النيابة العامة، والإفصاح إعلامياً عن تطورات هذه البلاغات ودعمها قانونياً وسياسياً، بما في ذلك ما يتعلق بملف فضيحة الصندوق الماليزي، الذي استحوذ على اهتمامه الشخصي وتبنيه لما بلغه من معلومات وبيانات في غاية الحساسية.
أما بالنسبة للمشاريع الاقتصادية الواعدة كمشروع قانون المنطقة الشمالية، فهي أمانة أخرى ينبغي أن تحظى بدعم ومتابعة حثيثة من قبل رئيس الحكومة الشيخ صباح الخالد شخصياً، إكراماً لفقيد الكويت وتخليداً لذكراه العطرة في تحقيق تطلعاته ورؤاه التنموية، حتى تبرهن الحكومة على الوفاء والالتزام في تنفيذ هذه التحولات التنموية بالتعاون مع الأغلبية المتفهمة والواعدة في مجلس الأمة، فمثل هذه المشاريع يجب ألا تخضع لتجاذب سياسي أو اجتهادات فردية في وزارة الدولة للتنمية الاقتصادية والأمانة العامة للتخطيط.
مؤسسة ناصر صباح الأحمد هي بالأحرى ثروة ثقافية محل اعتزاز وفخر لكل مواطن كويتي، وثورة اصلاحية عميقة عانقت وجدان الشعب الكويتي، وبثت أيضا روح الأمل والتفاؤل في الاصلاح الحقيقي والتصدي فعلاً وقراراً ضد الفساد والمفسدين.
تعليقات