‫داهم القحطاني: أتمنى أن يتبنى أهل الحل والعقد مفهوم إعلاء مكانة المؤسسات وحمايتها من طغيان العمل الفردي ولتكن البداية بمنصب رئيس الوزراء نظراً لأهميته في صناعة السياسات والخطط‬

زاوية الكتاب

كتب داهم القحطاني 349 مشاهدات 0


سبق أن كتبت عن أهمية منصب رئيس الوزراء في الكويت لإدارة والإشراف على إعداد السياسات والخطط العامة وتنفيذها، فهذا هو دوره الرئيسي تقريبا.

وحرص الدستور في الوقت نفسه على عدم تحصين هذا المنصب بصورة مبالغ فيها، فأتاح لعضو واحد تقديم استجواب بحقه، كما لم يتح الدستور لرئيس الوزراء أي سلطات مباشرة سوى ترشيح الوزراء عند تشكيل الحكومة، وهذا يتم عمليا بالتنسيق مع الأمير بصفته رئيسا للدولة.

ولأن الحكومة لا تشكل من قبل البرلمان، رغم أن هناك توجيهاً دستورياً بأن الأصل في تشكيل الحكومة يكون من النواب، والاستثناء أن يكون الوزراء من غير النواب.

ولأن الحكومات الأخيرة فقدت وجود فريق وزاري ثابت يدير شؤون مجلس الوزراء، فقد منصب رئيس الوزراء تأثيره وأهميته، وأصبح هدف كل رئيس الوزراء تصريف العاجل من الأمور، وتجنب الاستجوابات ما أمكن ذلك، وبالتالي لم تكن هناك متابعات دقيقة لإعداد السياسات والخطط العامة بشكل دقيق وفعال وبما يتناسب مع الاحتياجات الفعلية للدولة.

بعد اختيار صباح الخالد رئيساً للوزراء بدا أن هناك تغييرا في التعاطي مع الواجبات الحقيقية لهذا المنصب كصانع للسياسات العامة، وكمشرف على تنفيذها، فوجدنا في صباح الخالد إرادة واضحة للقيام بهذا الدور المهم للدولة من دون الانشغال عن ذلك بتقلبات العمل السياسي، وبتعدد الأزمات المفتعلة غالبا، والمستحقة أحيانا.

ولكن ومرة أخرى رئيس الوزراء يحتاج في هذا الصدد الى فريق إما من الوزراء، أو من رجال الدولة ليديروا هذه الملفات ويتعاطوا معها تحت إشرافه، فمنصب رئيس الوزراء في حقيقته مؤسسة مستقلة تتطلب أن تُدار سياسيًا وإداريًا بصورة فاعلة، ومن التعامل مع هذه المؤسسة وكأنها مكتب تابع لرئيس الوزراء.

الانتقال من مفهوم الدولة العشائرية إلى الدولة المدنية الحديثة لا يتم عبر إنشاء مؤسسات الدولة بقوانين ومراسيم شكلية، انما يتطلب الأمر الانتقال إلى مرحلة الممارسة الفعلية عبر آليات ثابتة وراسخة، وتعلو على قيم العمل الفردي، وتجعل من الدولة في موقع أعلى من الأشخاص مهما كان مركزهم في الدولة.

بغير ذلك سنعاني كشعب وكدولة كثيرا لمجرد أن هناك من يعتقد أن بقاء مركزه السيادي كشخص أهم من الدولة، وأنه لابد من تطويع كل المقدرات والامكانات والمؤسسات من أجل حمايته وتعزيز موقعه السياسي.

أتمنى أن يتبنى أهل الحل والعقد مفهوم إعلاء مكانة المؤسسات وحمايتها من طغيان العمل الفردي، ولتكن البداية بمنصب رئيس الوزراء نظراً لأهميته في صناعة السياسات والخطط العامة، والإشراف على تنفيذها.

تعليقات

اكتب تعليقك