‫خالد الطراح: لا يمكن استثناء مجلس الامة من المسؤولية السياسية مما آلت اليه الظروف والتراجع البرلماني المفزع فالمؤسسة التشريعية بحاجة ملحة الى إصلاح سياسي عميق‬

زاوية الكتاب

كتب خالد الطراح 275 مشاهدات 0


قدمت الأخت الفاضلة كوثر الجوعان، رئيسة معهد المرأة للتنمية والسلام، مجاناً وعلى طبق من ذهب مبادرة إعلامية الى الدولة وكل الجهات المعنية، تمثلت في تبني حوار حول «مفهوم الثقافة السياسية وأثرها على العملية الانتخابية» مساء يوم السبت الماضي 7 نوفمبر 2020.

كان حواراً مثمراً من حيث الموضوع واتجاهات النقاش المتنوع والإدارة والتعقيب، حيث كان لي شرف المشاركة فيه مع الاخوين الفاضلين الدكتور يعقوب الكندري، عميد كلية العلوم الاجتماعية في جامعة الكويت، والاستاذ عبدالمحسن جمال.

فقد قدم د. يعقوب الكندري تمهيداً مفيداً لقيادة الحوار نحو الموضوعية والمزيد من التركيز حول موضوع الحلقة النقاشية، حيث استعرض طبيعة التحديات الاجتماعية، التي يواجهها المجتمع الكويتي حاليا ومن قبل ايضا، وهو ما أدى الى بروز نزعات انقسامية ضمن مكونات نسيج المجتمع الكويتي.

ولأهمية الموضوع وعلاقته المباشرة بوضعنا الحالي المزري سياسياً، أود التأكيد مجدداً أنه ليس من الصواب الوقوع في وهم وجود ثقافة سياسية أساساً، فالثقافة تعد الهوية المعنوية للشعوب والدول من حيث حجم تعدديتها وتنوعها، وهو ما نفتقده تطبيقاً وسلوكاً وتوجهاً.

فالنهوض بالثقافة أساساً ليس من الاولويات الحكومية، والبراهين كثيرة على ذلك، وهو ما قوض الدور المدني لكثير من جمعيات النفع العام، التي باتت أعين مجالس اداراتها على الرضا الحكومي والتمويل لأنشطتها الموالية للحكومة ذاتها وليس المصلحة الوطنية.

لدينا في الكويت تاريخ لنظام سياسي ديموقراطي حافل بتطورات دستورية ومكتسبات وطنية، إلا انه في المقابل وعلى مر عقود من الزمن، لم تواكب حكومات متعاقبة هذا التطور التاريخي بإستراتيجية إعلامية في تصدير ثقافة سياسية ونشرها وغرسها تربوياً وإعلامياً وسياسياً في كل المراحل الدراسية وعلى مستوى المجتمع ككل.

برأيي، لايزال التفكير الحكومي يخشى شيوع الثقافة السياسية وبروز وعي شعبي عميق لدى المواطن والعامة من الناس، والفزع من ارتداد كل ذلك سياسياً على مصادر القرار الحكومي، من دون ادراك أن غياب الثقافة السياسية يعد من العوامل الرئيسية في تفكيك المجتمعات وإضعاف أنظمة الدول.

نحن نشهد حاليا حالة من الفوضى العارمة حتى بلغنا حالاً من سيادة ثقافة الفوضى في الساحة المحلية، وبين العوام من فئات وشرائح المجتمع والتيارات السياسية والفكرية وما يعرف بالنخب ايضا، أسوة بثقافة الاستهلاك، الحكومية المنشأ.

فقد روضت الحكومة تاريخياً وحتى اليوم قادة الرأي والمفكرين الى حد كبير لأسباب تتحملها أولاً وأخيراً الاطراف المعنية، التي وقعت طوعياً في جلباب الحكومة، ولكن هذا لا يعني التعميم على الجميع بكل الاحوال.

فهناك قوى مازالت صلبة بمواقفها، بينما هناك قوى أخرى منقسمة على نفسها ومتشرذمة فكراً ونهجاً، وهو ما خلق حالة مؤسفة من الحماس الفوضوي لدى شرائح اجتماعية، حتى بات الحوار عقيماً مع هؤلاء في تحليل مضامين خطاب صاحب السمو الامير الشيخ نواف الاحمد، حفظه الله، الاخير في مجلس الامة.

ظلت مضامين الخطاب السامي ورسائله وقرارات أخرى ذات بُعد سياسي وإصلاحي تواكب تباشير التطوير والتغيير، ظلت كل هذه المضامين والقرارات بعيدة عن تركيز الاعلام الرسمي تحليلاً وبحثاً غير تقليدي، بسبب فقدان جرأة القرار والإرادة في اتخاذ مثل هذا القرار الإعلامي والسياسي.

لا يمكن استثناء مجلس الامة من المسؤولية السياسية مما آلت اليه الظروف والتراجع البرلماني المفزع، فالمؤسسة التشريعية بحاجة ملحة الى إصلاح سياسي عميق، فالخلل ليس دستوريا بقدر الممارسة غير المسؤولة من كثير من نواب الامة، الذين حصدوا لقباً مستحقاً، وهو نواب حكومة الظل والابتزاز السياسي والمالي.

اعود لمبادرة الاخت كوثر الجوعان للقول ان الحكومة بحاجة الى خطاب إعلامي وسياسي جديد، ولا يمكن لهذا أن يتحقق في ظل القرار التنفيذي الحكومي بوضعه التقليدي الحالي، فقد قاد معهد المرأة للتنمية والسلام حواراً تعجز عن تحقيقه الحكومة، وليس المطلوب سوى الاستعانة بخبرات قادرة على صناعة الثقافة السياسية وترسيخها في الاذهان والضمائر.

ينبغي على الحكومة استنساخ مبادرات مماثلة لمبادرة الاستاذة كوثر الجوعان، او منحها نوافذ الإعلام الرسمي لقيادة برامج توعوية سياسية في هذه المرحلة وقبل يوم الحسم الانتخابي.

أضع هذا المقترح بين يدي الأخ الفاضل الشيخ الدكتور احمد الناصر الصباح، وزير الخارجية وزير الإعلام بالوكالة لإحداث نقلة نوعية في العمل الإعلامي الحكومي المترهل منذ زمن.

تعليقات

اكتب تعليقك