محمد عبدالقادر الجاسم يكتب عن النفاق السياسي بين الحكومة والمجلس ويطالب بتطوير القضاء
زاوية الكتابكتب يوليو 5, 2009, منتصف الليل 937 مشاهدات 0
تطوير القضاء
كتب محمد عبدالقادر الجاسم
يتسم الحديث عن القضاء بشيء من الحساسية حيث أننا اعتدنا على عدم توجيه الانتقادات وعدم كشف الممارسات الخاطئة المتصلة به. وفي ظني أن هذا الاعتياد، أو «التواطؤ العام» الذي تم بحسن نيه، أدى إلى استبعاد القضاء وقوانينه من أولويات الحديث عن الإصلاح في الدولة، بل أن أغلب الحديث عن القضاء يتصل برواتب القضاة ومزايا الوظيفة. وحين أدقق النظر في علاقة كل من الحكومة ومجلس الأمة بالقضاء أجد أن هذه العلاقة مبنية على درجة عالية من «النفاق السياسي» حيث تسعى الحكومة دائما إلى كسب القضاة في صفها في حين يبالغ أعضاء مجلس الأمة في مدح القضاة. إن القضاء في الكويت يحتاج إلى إصلاح وتطوير الآن وقبل فوات الأوان.. نحتاج إلى مراجعة شاملة لملف القضاء من جهة قوانينه التنظيمية ومن جهة قواعد التعيين في المناصب القيادية في السلك القضائي ومن جهة تقييم انتاجية القضاة ومن جهة تقييم الكفاءة ومن جهة تقييم الفاعلية. كما نحتاج إلى مراجعة شاملة لقانون المرافعات المدنية والتجارية وقانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية وقانون الجزاء بهدف العمل على تطوير تلك القوانين بما يعزز حق التقاضي ويزيد من فاعليته ويصون حقوق الأفراد أيا كانت صفاتهم في التقاضي.
وفي ظني أن من بين القوانين التي يجب أن تحظى بأولوية قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية حيث أن استمرار العمل بالنظام الحالي للتحقيق لا يتناسب مع التطور الهائل الذي حدث في مجال حقوق الأفراد وضمانة عدالة التحقيق ونزاهته. إذ لم يعد مقبولا اليوم أن تنفرد النيابة العامة باتخاذ كافة إجراءات التحقيق بما في ذلك الحبس الاحتياطي والمنع من السفر من دون رقابة مباشرة وفورية من القضاء، كما أنه من غير الملائم الآن أن يستمر إصدار النيابة العامة قرارات الحبس الاحتياطي دون إلزامها بتسبيب قرارها ودون منح المحبوس حق الطعن على القرار فورا، كما أنه من غير المناسب أيضا أن تطول مدة الحبس الاحتياطي، كما أنه من غير المناسب أيضا إطلاق سلطة النيابة العامة في التحقيق من دون رقابة ما على المدى الزمني الذي تستغرقه التحقيقات، كما أن العلاقة بين النيابة العامة وأجهزة المباحث، سواء أمن الدولة أو الجنائية، تحتاج إلى إعادة تنظيم لضمان عدم سيطرة تلك الأجهزة الأمنية على مسار التحقيق.
إن الحاجة إلى إصلاح وتطوير القوانين بارزة وملحة، فقد انقضى وقت طويل على آخر إصلاح جدي حين صدر قانون يجيز التظلم من قرارات حفظ التحقيق، وأظن أن لجمعية المحامين هنا دورا مفترضا حيث نأمل أن تنظم سلسلة من الندوات أو ورش العمل لمناقشة هذا الموضوع، كما أن على مجلس القضاء أن يعيد صياغة علاقة القضاء بالمجتمع وأن يتقبل النقد الموضوعي الموجه إلى القضاء عموما وأن يكون سندا للإصلاح والتطوير لا عائقا له.
تعليقات