خالد الطراح: لست من أسرى التاريخ وضد من يعيش أسيراً للماضي ولكني كفرد من حزمة وطنية تفخر وتعتز بتاريخ الكويت السياسي ونظامها الدستوري
زاوية الكتابكتب خالد الطراح أغسطس 18, 2020, 10:52 م 574 مشاهدات 0
الكويت، كدولة رائدة ثقافياً وسياسياً، لم تعد اليوم نفس الدولة التي حملها في الضمير وعلى الأكتاف الأجداد والآباء من الشعب الكويتي، الذي كان لهم دور وطني في نهوض الدولة وتطوّرها، بعد مبايعة شعبية لأسرة الصباح الحاكمة وإرساء قواعد البيعة دستوراً وميثاقاً.
لست من أسرى التاريخ، وضد من يعيش أسيراً للماضي، ولكني كفرد من حزمة وطنية تفخر وتعتز بتاريخ الكويت السياسي ونظامها الدستوري، لا أتفق إطلاقاً مع ما ذهب اليه من رأي الأخ الفاضل الشيخ صباح الخالد، رئيس مجلس الوزراء، أثناء إحدى جلسات مجلس الأمة مؤخراً.
فقد عمّم صباح الخالد رأياً شخصياً، لا علاقة له بالعمل المؤسسي ككل والنظم واللوائح الإدارية والرقابية تحديداً، حين قال «إننا بشر نخطئ» في معرض تعليقه على انتقاد نيابي للتخبّط الحكومي في مواجهة الجائحة العالمية «كوفيد ــــ 19».
ليس صحيحاً أن يجري تعليق الخطأ المرفقي على الخطأ البشري، فعمل الحكومات يقوم على أساس مؤسسي وفرق استشارية مهنية للغاية لا تخشى لومة لائم، حتى لو كانت من رئيس الحكومة بصفته، لكن الحال لدينا مقلوب!
إذا ما وافقنا على مجاملة الشيخ صباح الخالد قليلاً، فهذا يعني أن الخطأ أصبح القاعدة، وهو ما يتناقض علمياً ومنهجياً مع أي عمل مؤسسي، وفي مقدمته عمل مجلس الوزراء.
صحيح أن الإنسان ليس معصوماً من الخطأ، لكن هذا المنطق لا يجوز بأي حال من الأحوال القبول به حين ترتجف الأيادي الحكومية، ويغيب بالتالي القرار الرسمي الحصيف، فمصائر المواطنين والدولة ليس حقلاً للتجارب والأخطاء البشرية.
إن مثل هذا الكلام العفوي لا يعزز الثقة بقيادة رشيدة للحكومة الحالية، ولا شك في أنه يقوّض ثقتنا كمواطنين في الإدارة الحكومية وبرئيسها بوجه خاص، خصوصاً حين يصدر مثل هذا الكلام عن شخصية يفترض أن تفرّق بين العمل المؤسسي والرأي الشخصي العفوي.
أما عن خطاب رئيس الحكومة بأنه «لا يكابر» وعلى استعداد للاعتراف بالخطأ، فهو ما ننشده منذ زمن، ولكن لا ينبغي اللجوء إلى مثل هذا الأمر لامتصاص الامتعاض والاستياء الشعبي من أداء الحكومة بكاملها، ليس فقط على المستوى الصحي، وإنما على مستويات مختلفة منها السياسي والاقتصادي والرقابي.
ولزاماً على صباح الخالد ألا يكابر بالاعتراف بأنه يتحمّل تركة ثقيلة لحكومات سابقة وأنه يتحمّل مسؤولية الاضطراب والتخبّط الحكومي الحالي بعد خضوعه للضغوط في التشكيل الحكومي، الذي ما زال أعرج حتى اليوم.
آمل في أن يعيد النظر الشيخ صباح الخالد بكلامه انسجاماً مع يقينه بعدم المكابرة، فخطأ الحكومة المرفقي لا يتساوى مع الخطأ البشري، وهو يعني أننا أمام حكومة تعمل وفقاً لأمزجة واجتهادات فردية، من دون أن يكون لديها نظم وقواعد مؤسسية ورقابية تحميها من الوقوع في الخطأ.
كنت أتمنى أن يقدم الأخ صباح الخالد رؤيته المنهجية لعمل الحكومة كمؤسسة غير قابلة للاختراق والانهيار، اعتماداً على نظم وقواعد مؤسسية وأجهزة رقابية فاعلة وليست خاملة، من أجل دعم القرار السياسي للحكومة وأعضائها فعلاً، وليس نصّاً جامداً لا يقدم ولا يؤخر في أداء الوزراء ومجلس الوزراء ككل، إذا ما توافر لدى الحكومة ما يبرهن على وجود عناصر العمل المؤسسي وليس الاجتهادات.
بلا شك، ان الخطأ يكمن في الفرق بيني وبين الأخ صباح الخالد، حيث إنني أرى الوضع العليل للحكومة بصورة شمولية واضحة، بخلاف طبيعة النظرة النمطية والعمل التقليدي لدى رئيس وأعضاء الحكومة الحالية وحكومات متعاقبة.
تعليقات