‫وليد الرجيب: ما زالت الحكومة تمارس النهج نفسه لترويج سياساتها وحلولها عبر أبواقها الإعلامية فتعالت أخيراً نغمة الضريبة المضافة المكرّرة ووقف بدل غلاء المعيشة‬

زاوية الكتاب

كتب وليد الرجيب 1378 مشاهدات 0



كتبتُ في بداية أزمة كورونا، أن الحكومات غير الرشيدة عند تعرّضها لأزمة اقتصادية، تلجأ إلى أسهل الحلول وهو تحميل الفئات الشعبية والعاملة وذوي الدخل المحدود عبء العجز، هذا حل أسهل وأقل ضرراً لها وللطبقة التي تمثلها، وهو أشبه بمَن يلقي أخطاءه على الآخرين.
كل الحلول التي طرحتها الأوساط الحكومية، تحت عناوين الإصلاح الاقتصادي أو سد العجز في الميزانية أو حتى تنويع مصادر الدخل، ترتكز في الأساس إلى تحميل الشعب عبء الحمل، وتعفي من بيده سلطة المال وملكية وسائل الإنتاج.
ونتائج هذه الأزمة العالمية زادت الطين بلة، وأثبتت تجاهل الحكومة لحلول عادلة وعلمية، من أجل معالجة مشكلة ليست مستحيلة، ومجربة في دول نهضت باقتصاداتها من الصفر إلى الإنعاش ثم الانتعاش، لتقف في صف الدول المتقدمة اقتصادياً.
الحكومة تفتقر إلى حس العدالة الاجتماعية ومفاهيمها، كما تفتقر للمرونة والرشاقة والإبداع في أدائها، وتراكم الملفات التي تحتاج إلى معالجة، بعد أن قضت النظر عن مصدر هذه الملفات، وتراخت وهادنت قوى الفساد وضعف الكوادر القيادية، من أجل استقرار مصطنع وهش، كشفته تداعيات هذه الجائحة المبرحة.
وما زالت الحكومة تمارس النهج نفسه، لترويج سياساتها وحلولها عبر أبواقها الإعلامية، فتعالت أخيراً نغمة الضريبة المضافة المكرّرة ووقف بدل غلاء المعيشة، وهو الحل الذي يحمي أصحاب الشركات الكبيرة وقوى الرأسمال، ويبرئ الفساد الإداري وسارقي المال العام، بكل الطرق المبتكرة التي لم تخطر على البال.
نحن لا نجهل بأن إحدى الوسائل لتنويع الدخل هو فرض ضرائب، لكن الحكومة تتعامل مع هذا الأمر بطريقة الحق الذي يراد منه باطل، فالمقصود بالضرائب تلك التي تكون عادلة، أي تفرض تصاعدياً على الدخول والشركات، ورفع الدعم عن المنافع والتسهيلات لكبار الرأسماليين، وهذا ما جاء في المادة 24 من الدستور، التي نصت على أن العدالة الاجتماعية أساس الضرائب والتكاليف العامة.
مرت عقود طويلة على نهج حكومي، شجع على الهدر وفتح الخزائن للتنفيع وشراء الولاءات والذمم، على حساب رخاء ورفاهية الشعب، وعلى حساب التنمية المستدامة وتطوير البنية التحتية ومرفقي التعليم والصحة، والالتفات إلى أهمية الثقافة الشاملة ومدنية الدولة.

تعليقات

اكتب تعليقك