‫داهم القحطاني: نزاهة القياديين واستقلاليتهم واختيارهم وفق معايير الكفاءة كل ذلك يعتبر الخطوة الأولى والأهم في تجفيف منابع الفساد‬

زاوية الكتاب

كتب داهم القحطاني 507 مشاهدات 0


هل في الأخبار عن سرقات واختلاسات وعمليات غسل الأموال التي تقوم النيابة العامة الآن بالتحقيق فيها مؤشرات إيجابية تنبئ بأن عجلة محاربة الفساد بدأت بالدوران، أم أن كل ذلك مجرد محاولات لن تنجح في الإيقاع بالفاسدين؛ لأنهم استطاعوا تضبيط أوضاعهم القانونية جيدا مع مكاتب محاماة عالمية ومحلية؛ وبذلك فإن شعور الناس بالغضب سيزيد؟

لا أحد يريد أن يتجاهل أن هناك عمليات قبض تمت بحق مشبوهين، ولكن كل ذلك لا قيمة له، ما لم يشاهد الناس بأعينهم هؤلاء المشبوهين وهم يقدمون لمحاكمة عادلة، تتضمن شهودا ودلائل ووثائق تدينهم بشكل صارم، ولا تكون من الضعف بحيث توفر لهؤلاء الفاسدين ثغرات قانونية ينفذون منها للبراءة أو لأحكام ضعيفة غير ذات تأثير.

هناك مفاهيم يجب أن تتغيّر في العمل الحكومي، فالشعب الكويتي لا يستطيع أن يتحمل مزيدا من العشوائية.

فالوظائف القيادية مثلاً ليست ملكاً لمجلس الوزراء الذي هو مؤتمن من الله ثم من الشعب الكويتي على اختيار من يصلح لها ممن ينطبق عليهم معيار «القوة والأمانة»، ولا يجوز أن يتم تعيين أي قيادي، ما لم يتم ذلك وفق معايير الكفاءة، والنزاهة، والخبرة، وأن يُجرى الاختيار وفق قاعدتي المساواة وتكافؤ الفرص.

المرحلة الماضية شهدت إهانات متتالية وجّهت للشعب الكويتي، وتمثلت في اختيار قياديين وفق معايير «هذا ولدنا» و«ضبطني وأضبطك» و«الحزبيون أولى بالتنصيب».

وهي مرحلة سوداء، شاركت فيها الحكومة والبرلمان والتيارات السياسية والدينية والمجتمعية، وكان ضحيتها الأوحد المواطن الكويتي المخلص لوطنه والذي يسعى للتميز من دون أن يكون مضطرا الى إذلال نفسه لنائب أو وزير أو تاجر أو متنفّذ. 

لهذا كله، فإن رئيس الوزراء صباح الخالد ملزم باختيار القياديين في أجهزة الدولة بأمانة ونزاهة، وأن يتم الاختيار وفق لجان مختصة، وليس وفق ترشيحات بعض الوزراء للمقرّبين منهم.

يجب أن يشعر كل قيادي بأنه حر ومستقل في قراراته من دون أن يكون مضطرا إلى أن «يشاور» في كل خطوة مهمة يريد أن يتخذها.

صحيح أن القياديين يعملون في إطار عام واحد، وهو الخطة السنوية وبرنامج عمل الحكومة، لكن ذلك يكون في الشق المتعلّق بتسيير العمل اليومي وفي اتخاذ الاجراءات التنفيذية. أما الشق المتعلّق بمواجهة الفساد، فالأمر يخضع بالدرجة الأولى لضمير القيادي في تطبيق القانون بصرامة وأمانة، ولا يخضع لحسبة كل وزير على حدة، والرغبة في عدم الاصطدام بالمتضررين من القرارات الإصلاحية، نظراً إلى النفوذ الذي يتمتعون به. 

نزاهة القياديين، واستقلاليتهم، واختيارهم وفق معايير الكفاءة، كل ذلك يعتبر الخطوة الأولى والأهم في تجفيف منابع الفساد، فالهيئات والمؤسسات التي تكون «الواسطة» طريقاً للوصول الى قيادتها حتما ستكون مرتعاً للفساد والقصور، والإهمال.

تعليقات

اكتب تعليقك