سعود العصفور :الدستور خط احمر لا يجوز العبث فيه

زاوية الكتاب

كتب 487 مشاهدات 0


ليس خياراً متاحاً عندما تواجهك مشكلة في موضوع ما فإنه من البدهي أن تطرح خياراتك أمامك لتوزنها وتقيّم وضعك بالنسبة إليها، وبعدها يمكنك أن تختار الأفضل منها أو الأقل ضرراً فيما بينها. ولكنه من البدهي أيضاً أن تكون «كل» خياراتك المطروحة هي خيارات متاحة أو ممكنة وفي دول المؤسسات والديموقراطية والقانون، والتي نود أن نصنف دولتنا ضمنها، فإن المرجع الأول والأخير لأي خيار أو خطوة سياسية متاحة وممكنة هو الدستور، ودستور 1962 بالتحديد، حتى لا يساء الفهم بما أن هناك حديثاً عن وجود عملية ترويج ودعم لدستور منقح جديد. هذا الدستور هو مرجع كل القوى السياسية في هذا البلد -من دون استثناء - وهو العقد الذي ارتضاه الكويتيون منظماً لشؤون الحكم في بلدهم في عام 1962 وعادوا وأكدوا التزامهم به حكاماً ومحكومين مرة أخرى في أحلك أوقات الشعب الكويتي إبان الاحتلال العراقي الغاشم للبلاد، وما يخالف هذا الدستور لا سند شرعي له حتى وإن تحالفت كل القوى المعادية للدستور معه. لذلك فالحديث الذي يتزايد هذه الأيام عن وجود نية لحل غير دستوري هو في رأيي حديث باطل وغير مقبول ولا يمكن تجاهله ببساطة أو التعامل معه على أنه خيار متاح ومطروح على طاولة النقاش ضمن الخيارات التي يمكن اللجوء لها للخروج من أي أزمة سياسية قد يواجهها البلد. دستور 1962 منح حق الحل «الدستوري» لصاحب السمو أمير البلاد وربط هذا الحق بوجود أسباب تدعو إليه، مع تحديده بمدة لا تزيد عن 60 يوماً، وإلا عاد المجلس المنحل مرة أخرى إلى الانعقاد وكأن الحل لم يكن. ومنح في الوقت نفسه حق تعطيل بعض مواد الدستور وتعليقها في مادته 181 في حالة واحدة فقط وهي حالة «إعلان الأحكام العرفية»، ولكنه قيدها بعدم جواز تعطيل انعقاد مجلس الأمة في تلك الأثناء أو المساس بحصانة أعضائه، وهذا يعني أن أي حديث عن حل غير دستوري تُعلّق فيه مواد الدستور بحيث تمنع مجلس الأمة من الانعقاد هو حديث غير «شرعي» ومخالف للدستور الذي ينضم العملية السياسية في البلد بجميع اتجاهاتها وخيار غير متاح، ولا يجب أن يكون مطروحاً للنقاش. لذلك فعندما يقول النائب السابق الدكتور عبدالمحسن المدعج بأن القوى الوطنية تراهن على وعي الشعب الكويتي وأن البلد قائم على الوحدة الوطنية والدستور، فهو بذلك يصف واقع الحال. وما مطالبته «الجرذان بأن تعود إلى جحورها» إلا مطالبة في مكانها الملائم وإن كانت قاسية التعبير، إلا ان الدستور خط أحمر لا يمكن للبلاد تحمل العبث فيه سعود العصفور
الراي

تعليقات

اكتب تعليقك