زايد الزيد .... العمالة السائبة .. من هو المجرم ؟!

زاوية الكتاب

كتب زايد الزيد 973 مشاهدات 0


النهار 

حذرنا مراراً وتكراراً في العديد من المقالات في هذه الزاوية من خطر تجار الإقامات طوال سنوات، وكان أخرها مقالة كتبناها في منتصف شهر فبراير الماضي دعونا فيها صراحة إلى الضرب بيد من حديد على تجار الإقامات الذين عاثوا في بلدنا فساداً وجلبوا مئات الآلاف من العمالة السائبة مقابل مبالغ مالية يتقاضونها فيما يشبه تجارة الرقيق!

وجاءت أزمة فايروس كورونا بعد كتابة المقال بأقل من شهر، لتؤكد لنا الضرر الفادح الذي سببه تجار الإقامات، حيث باتت المعضلة الرئيسية التي تقف في وجه الحكومة لتطبيق سياسة حظر التجول والتباعد الاجتماعي والعزل هي اكتظاظ مناطق سكنية مثل جليب الشيوخ وخيطان والمهبولة والمنقف وأبوحليفة وغيرها بعشرات الآلاف من الوافدين المساكين المنتمين لفئات العمال، وتحديداً مايعرفون بعمال باليومية، والذين جاءوا إلى البلاد بعد أن قام تجار الإقامات ببيعهم أحلاماً وهمية بالثروة بعد مجيئهم للبلاد.

إن أي إصابة لعامل بسيط يعيش في هذه المناطق المكتظة بالعمالة يعني أن فرصة إصابة بقية العمال الذين يُقدر عددهم بعشرات الآلاف ممكنة جداً بسبب الاكتظاظ المعيشي، ووجود عدد كبير من العمال في الغرفة الواحدة، كل هذا بسبب لا مبالاة تاجر الإقامات الذي يرى في هذا الوطن مكسباً سريعاً، غير مبالٍ بالخطر الأمني والصحي علينا، وبحسب حديث المسؤولين الأمنيين المنتشر هذه الأيام، فإن فرص فرض الحظر الكلي تبدو غير ممكنة بسبب عدد هذه العمالة الكبير والذي يصل إلى ٧٥٠ ألف وعدم مقدرة الدولة على توفير وجبات الطعام ودور الإيواء لهم في حال توقف أعمالهم بالكامل والتي تعتمد على التنقل في الفترات التي هي خارج فترة الحظر الجزئي، أي أن تجار الإقامات وضعوا قنبلة موقوتة بقوة ٧٥٠ ألف إنسان في البلد!

إن هناك مسؤولية تاريخية تقع على عاتق وزير الداخلية أنس الصالح، بعد تصريحه المبشر بالخير والذي قال فيه إنه سيتم حصر أسماء كفلاء المخالفين لقانون الإقامة من الشركات والأفراد ومحاسبة من يثبت تجارته في الإقامات.

إن هذه المسؤولية تكمن في منع هذه الشركات، التي يديرها مسؤولون نافذون، والأفراد الذين يتمتعون بحظوة كبيرة في الدولة بحسب ما يُتداول، من استقدام أي عامل في الفترة القادمة، وفرض غرامات ضخمة عليهم، ونشر أسمائهم وأسماء شركاتهم حتى يعرف الشعب الكويتي حقيقة هؤلاء الذين يتاجرون في أمنه وتركيبته السكانية وتماسك نظامه الصحي.

ومن الملاحظ هذه الأيام، أن الانتقادات التي توجه بحسن نية أو سوئها، لا تكون لتجار الإقامات، بل للعمال المخالفين المساكين، وهو جزء من الحيل التي يبرع تجار الإقامات في اللعب عليها، فاللوم يجب أن يقع على المجرم الذي هو تاجر الإقامات، وعلى من سهّل له ارتكاب جريمته وأيضاً على من يحميه ويبقيه بعيداً عن المساءلة ويد العدالة ، لا على الضحية الذي هو العامل الوافد المسكين.

ختاماً، لقد حان الوقت لحكومتنا أن تُفكر جدياً بإلغاء نظام الكفالة الذي أساء لسمعة الكويت في المحافل الدولية، وتضع نظاماً أكثر تحضراً وتطوراً لدخول الوافدين للبلاد واستقدام الكفاءات وتقطع الطريق بذلك على تجار الإقامات والعمالة الهامشية التي يستغلونها.

تعليقات

اكتب تعليقك