‫زايد الزيد: ما حدث في أوروبا درس معتبر لنا في دول الخليج التي تتوق للتحول الاقتصادي.. فخصخصة القطاع الصحي بالكامل هو خطيئة لأنها تعني أننا نبيع صحة المواطن مقابل ثمن بخس ‬

‫أصاب وباء فايروس كورونا القارة الأوروبية مفاجئاً إياها ومسبباً انهياراً للنظام الصحي والاقتصادي فيها، حيث بلغ عدد الوفيات الناتج عن الفايروس في إيطاليا وحدها أكثر من ٦ آلاف حالة وفاة، فيما ترتفع الوفيات في بريطانيا وفرنسا بشكل كبير جداً وسط حالة من العجز تعيشها المنظومة الغربية كاملة بسبب فشل القطاع الصحي وضعفه نتيجة بيعه إلى القطاع الخاص خلال سنوات "تحرير الاقتصاد" قبل أكثر من ثلاثة عقود.‬

‫لكن فايروس كورونا لم يفضح حالة العجز التي عاشها الاتحاد الأوروبي بسبب عدم وجود المركزية وضعف القرار السياسي، بل امتد إلى الأخلاق السياسية إلى هذه الحكومات حيث صادرت حكومة فرنسا شحنة كمامات طبية كانت متجهة إلى ايطاليا ، بينما صادرت التشيك، وهي عضو في الاتحاد الأوروبي، شحنة كمامات قادمة من الصين ومتجهة إلى إيطاليا، كما أوردت الأخبار قيام إيطاليا بقرصنة شحنة من المعقمات والكحول المعقمة كانت متجهة عبر البحر إلى تونس، وقيام ألمانيا بمصادرة شحنات طبية في طريقها للنمسا، واختفاء كمامات طبية صنعت خصيصاً لألمانيا في دولة كينيا في قلب القارة الأفريقية وسط اتهامات تشير لدولة أوروبية أخرى قامت بهذا الفعل.‬

‫إن ما حدث في أوروبا من سرقة الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لبعضها البعض ما هو إلا تعبير عن حالة الإفلاس الأخلاقي لهذه القارة التي بدأت تعيش عصر انحطاطها فيما يبدو، خصوصاً وأنها التي عُرفت بتصدير خطاب حقوق الإنسان للعالم بأكمله خلال القرون الثلاث الأخيرة، فعند أول أزمة وجودية صحية هددت هذه الدول، لم تلقَ هذه الدول بالاً للقوانين الدولية، أو لاتفاقيات الاتحاد التي قامت بتشكيله، وشرعت تنهش في لحم بعضها البعض وذلك للتغطية على فشلها في القطاع الصحي.‬

‫ختاماً، إن ما حدث في أوروبا هو درس معتبر لنا في دول الخليج التي تتوق للتحول الاقتصادي ومفاد الدرس هو أن خصخصة القطاع الصحي بالكامل هو خطيئة كبرى لا يمكن لها أن تتم لأنها تعني أننا نبيع صحة المواطن مقابل ثمن بخس هو ضرائب قليلة تدفعها الشركات الطبية مقابل أرباحها الضخمة الناتجة عن تقليلها التكاليف ورفعها للرسوم والأسعار كما حدث بالضبط في إيطاليا واسبانيا وبقية دول الاتحاد الأوروبي.‬