‫حمد العصيدان: الحكومة تقوم بعمل جبار وتحارب على جميع الجبهات وقد واصلت الليل بالنهار للعمل على كبح جماح الفيروس ومسؤولية المواطن والمقيم كبيرة في مساعدتها للوصول إلى الهدف‬

زاوية الكتاب

كتب حمد العصيدان 602 مشاهدات 0


الوضع غير المسبوق الذي يعيشه كل من في الكويت، في ظل نظام حظر التجول الجزئي، والمواطنون على وجه الخصوص، ينطبق عليه الحديث الشريف الذي رواه البخاري عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «عجب الله من قوم يقادون إلى الجنة بالسلاسل». نعم فقد اقتيد الكويتيون إلى جنتهم بالسلاسل، ليكتشفوا بيوتهم، كما لو أن الكثيرين منهم يرونها للمرة الأولى، عندما أجبروا على لزوم بيوتهم وأسرهم لفترة طويلة، تمثل ذروة الوقت في الكويت من الخامسة مساء إلى فجر اليوم التالي.
فقد شغلتنا الدنيا عن بيوتنا، وركبنا في دوامتها، حتى لا نكاد نرى أو نجلس مع أهلنا وأولادنا، فعجلة الحياة تدور بسرعة، ونحن سلمناها مقودنا وتركناها تقودنا في طريقها مجبرين، حتى أتتنا الجائحة المدلهمة التي هزت العالم، وفرضت عليه قيودا غير مسبوقة، ومن ضمنه الكويت، فألزمتنا بيوتنا مجبرين، وهنا بدأ «الاكتشاف العظيم».
فقد تعرفنا إلى أولادنا وتمعنّا في أشكالهم وأوصافهم، حتى أن البعض اكتشف في أولاده، وحتى في زوجه، أشياء لم يكن يعرفها مطلقاً، ولعل هذه من الإيجابيات القليلة لفيروس كورونا المستجد. ومن المؤكد أن حياتنا الأسرية ما بعد حظر التجول لن تشبه ما قبله، فقد فتحت مداركنا لأهمية البيت والأسرة وحقهما علينا بجزء غير يسير من وقتنا حتى لو كانت أعباء الحياة كبيرة ولا تنتهي.
* * *
مع الدخول في الأسبوع الثاني من نظام حظر التجول الجزئي، بدأ الجميع يدرك الهدف منه، والمطلوب من كل شخص، مواطناً كان أو مقيماً، وصولاً إلى الغاية المنشودة القائمة على تطويق تفشي الفيروس وحصر الإصابات فيما تم اكتشافه، ووقفها عند هذا الحد، لذلك تبدو التصرفات الآن حكيمة ومسؤولة من الجميع، عكس الأيام الأولى لبدء الحظر، حيث الفوضى وعدم التقيد بالتعليمات.
وأنا هنا ألتمس العذر، نوعاً ما للجميع، فالمسألة ليس مألوفة، ومصطلح «حظر التجول» ذو دلالة سيئة مرتبط بما كنا نراه من فوضى وأعمال عسكرية في بعض البلاد حولنا، لذلك رسخ في الذهن أن المصطلح مرتبط بكارثة أو حدث عسكري خطير، وهنا كانت ردة الفعل توازي الفهم، سواء من حيث التطبيق أو ما قبله وما بعده، ونقصد هنا ما رأيناه من تسابق وتزاحم في الأسواق والجمعيات التعاونية، لشراء السلع الغذائية وتخزينها، ومهما كانت هناك من رسائل توعوية في هذا الإطار يبقى الفهم القائم على خلفيات سيئة مسيطراً، حتى هدأ الجميع وعادت أمور الحياة إلى سيرها «شبه الطبيعي» في ساعات السماح بالخروج والتجول، ولكن ذلك لا يبرر للجميع ما يسجل من تجمعات وتكدس هنا وهناك، فكل الإجراءات هدفها تحقيق ما اصطلح على تسميته بـ«التباعد الاجتماعي» لمنع انتقال العدوى وانتشار الفيروس، وهذا ما يجب أن يتحقق في الفترة الحالية، وصولاً إلى انتهاء فترة حضانة الفيروس ووقف الإصابات به، والبدء بالعودة إلى الحياة الطبيعية تدريجياً.
* * *
الحكومة تقوم بعمل جبار، وتحارب على جميع الجبهات، وقد واصلت الليل بالنهار للعمل على كبح جماح الفيروس محلياً من جهة، ولتأمين كل مستلزمات الحياة الطبيعية في البلاد من جهة ثانية، وهي جهود نالت الثناء السامي والإشادة من القريب والبعيد، حتى أنها تصدرت دول العالم في إجراءاتها، ومسؤولية المواطن والمقيم كبيرة في مساعدتها للوصول إلى الهدف، ومرفوض تماماً أي تضخيم لقضية بسيطة هنا أو هناك بهدف تشويه صورة العمل المتكامل لأجهزة الدولة بكل مفاصلها. وللحديث بقية.

تعليقات

اكتب تعليقك