غانم النجار: الصدق في المعلومة لم يعودا موضوعاً هامشياً حتى لو لجأت السلطات لإجراءات قاسية مثل حظر التجول يتعاون معها الناس فعلى السلطة أياً كان اسمها قول الحقيقة حتى لو كانت مخيفة
زاوية الكتابكتب غانم النجار مارس 22, 2020, 11:13 م 609 مشاهدات 0
عندما أطل علينا فيروس كورونا، أخذَنا على حين غرة، وقادنا في طريق لا معالم نهاية له، لدرجة أن سؤال "كيف حالك قبل (الحقبة الكورونية)؟" صار مطروحاً، مثلما كان سؤال مشابه، ربما خلال حقبة الغزو البغيض؛ "كيف كنت قبل الغزو وكيف أنت بعده؟".
يؤكد بروفيسور جون باري، جامعة تولين، نيو أورليانز، أحد أبرز المؤرخين للأوبئة، مثل وباء الإنفلونزا 1918 ، أن التغلب على انتشار الوباء يتحقق بإقناع الناس بنقطتين: التباعد الاجتماعي، والشفافية والصدق في إيصال المعلومة. بمعنى آخر أن الإجراءات الطبية في حالة كورونا، الفيروس المجهول، مهمة وأساسية، ولكنها دون تعاون الناس، وصمت السياسيين، المحرضين، الجاهلين، لن تنجح وحدها في إيقاف انتشار الوباء.
وأخذاً في الاعتبار أن ما قيل عن أخطاء فادحة في السماح بحرية الحركة وعدم إيقاف طائرات وقادمين، الأمر الذي لم تنفه الحكومة ولم تؤكده، تحول بشكل مؤسف إلى تبادل اتهامات طائفية ومذهبية، لا مكان لها في هذا الإطار. هناك ٣ عوامل أدت إلى تراجع النفس الطائفي البغيض، الأول هو قيام الحكومة بدور رائد وتولي مسؤولية متسقة مع إرشادات منظمة الصحة العالمية، وبشكل غير مسبوق، أصاب الناس الفاقدين الثقة بها إلى فرك عيونهم للتأكد إن كانت هي ذات الحكومة. أما العامل الثاني فهو تصاعد الأزمة دولياً وإصابة دول كبرى، واتضاح تقصيرهم، وبالتالي تجاوزت المسألة مجرد تقويم لدولة صغيرة كالكويت. العامل الثالث هو تحول القضية إلى مسألة وطنية يلتف حولها الناس دفاعاً عن مجتمعهم.
الصدق والشفافية في المعلومة لم يعودا موضوعاً هامشياً، حتى لو لجأت السلطات لإجراءات قاسية مثل حظر التجول يتعاون معها الناس. وعندما نقول الصدق؛ فعلى السلطة أياً كان اسمها قول الحقيقة حتى لو كانت مخيفة، دون تقليل أو دبلوماسية.
بالأمس القريب، أعلنت الحكومة حظر تجول جزئياً من الخامسة مساء إلى الرابعة فجراً. بالطبع يأتي ذلك في إطار سلوك تدريجي بتعطيل العمل والمؤسسات التعليمية وإغلاق المطاعم والتسوق ودور العبادة والتعازي والأفراح والمطار. تلك الإجراءات كانت في واقعها تجفيفاً لمنابع مسببات الخروج من المنزل الاعتيادية، باستثناء المشي أو الفضول القاتل للقطط.
الأحكام العرفية أكثر شمولية من حظر التجول، وقد ظلت الكويت حريصة على عدم إعلانها، حتى في أحلك الظروف؛ كتفجيرات الثمانينيات ومحاولة اغتيال الأمير الشيخ جابر الأحمد، رحمه الله، أو حرب 2003 ، حيث أعلنت مرتين فقط في تاريخ الكويت الدستورية، الأولى إبان حرب 1967 لـ3 أشهر فقط، أما الثانية فبعد التحرير لمدة 4 أشهر فقط، ورفعت نهائيا في 26 يونيو 1991 . حظر التجول في إطار قانوني محدود للحفاظ على صحة الناس لابد أن يواكبه كم أكبر من تدفق المعلومات والتصدي للشائعات، لأن إجراءات من هذا النوع ستعتمد بدرجة أساسية على تعاون الناس.
تعليقات