حسن العيسى: هل تتصورون أن وزيراً أو قيادياً نزيهاً يمكنه أن يصلح وحده من إدارته من دون أن يتدخل "عوير وزوير" ونواب الفساد لقلب الأمور على رأسه
زاوية الكتابكتب حسن العيسى فبراير 15, 2020, 10:06 م 601 مشاهدات 0
حلم وخيالات، لكنها لا تمنع أن نتمنى أن تتحقق وتنشلنا من دائرة اليأس مع سلطة سيفوه، المقصود طرح فكرة أن يقوم بعض المهمومين بقضايا الوطن المزمنة بالتنسيق بين مرشحين واعدين من الشباب والشابات مع نواب سابقين أثبتوا جديتهم وإخلاصهم لوطنهم ومستقبله، أن يقوموا بطرح برنامج عمل، أو على الأقل أن يتفقوا على تصور عام، تترك تفاصيله فيما بعد، لإنقاذ الدولة وجيلنا القادم من ضياع مؤكد، طالما ظلت هذه الإدارة السياسية على حالها، وهي ستظل على وضعها لأنه لا شيء يجبرها على التغيير، هي ماشية على البركة ولن يغير مسارها أمر ما. قلنا لكم، مرات كثيرة، هي سيفوه مهما تجمل وتبهرج بأضواء الزينة والألوان، التي نشاهدها اليوم بطول البلاد وعرضها، وكأنها تقول إن هذا أعظم إنجاز حضاري لـ"سيفوه"، بهرجة ومبان ضخمة، وكل يوم افتتاح لمعرض ومول، لكن في جوفها لا شيء يوجد غير الفراغ والعطالة والفساد وغياب الإدارة، مثالُها مستشفى جابر، أو مستشفى الجهراء، أو جامعة الشدادية... وأين ينتهي بنا جسر جابر بغير أطراف الصحراء القاسية؟!
لن تكون هذه المجموعة من القادمين، الذين "نتمنى" أن يضعوا أقدامهم في قاعة عبدالله السالم، حزباً أو جماعة واحدة، نعلم أن الأحزاب موجودة، رغم التحريم السلطوي لها، إلا أنه يمكن أن نتخيل أن هذه المجموعة المبشرة بالأمل يمكنها أن تضع تصوراً لانتشال المستقبل من الخراب القادم، فعليها أن تفترض أنه لا أمل أن يتغير واقع الصوت الواحد، المفروض رغم إرادة الأمة، ولابد من التحرك من الداخل لتغييره والعمل على خلق ديمقراطية جدية بأحزاب وبرامج عمل وحكومة مشكلة من الأكثرية الفائزة... حلم وخيال... لكن من حقنا أن نحلم ونعمل من أجل تحقيق الحلم.
على هذه المجموعة "المأمولة" أن تفكر جدياً في خطاب سياسي جديد تواجه به الغد المظلم حتماً بنزول أسعار النفط، وفي خلق بدائل للطاقة، فسهل جداً الاستعراض بالخطاب الشعبوي -لا الشعبي- عبر الخطب العاطفية، حين نتحدث مثلاً عن الفساد المعمم ورفض أي إصلاحات مالية وفرض ضرائب تصاعدية، وفتح الدولة للاستثمارات الأجنبية والسياحة، لكن الخطاب العقلاني الذي بالتأكيد لا يستهوي أغلبية غرقت في عالم الاستهلاك الريعي، ولا تكترث لتوطن واقع الفساد وتقنينه في العقدين الماضيين، وفقدت الأمل تماماً من قدرة السلطة على تغيير واقعنا، وقالت لنفسها "خل القرعى ترعى"، ذلك الخطاب السياسي العقلاني الواعي "ربما" لن يجد له الأرضية اللازمة، كي ينهض بدُعاته، ولكن بالعمل بنشر الوعي السياسي عند الجمهور يمكن أن نتخيل أن نجد له موضع قدم في المستقبل.
قبل أن تفكر هذه المجموعة بأي أمر، لابد أن تكون على قناعة مطلقة بأنه يستحيل الإصلاح بتغيرات جزئية هنا أو هناك، وعبر خطب عنترية رنانة، كأن نطالع الأخبار عن إحالة فرد أو أفراد لنزاهة أو للنيابة، فهذه "رتوش" وليست عملاً منهجياً، فمسألة الإصلاح ومحاربة الفساد لن تكون إلا بقلب معظم المؤسسات التي تدار بها الدولة رأساً على عقب، والبدء ببناء جديد لا علاقة له بالقديم، ففوضى الفساد لا تقصر فقط على قيادي أو وزير، وإنما يتغلغل للعمق، لمعظم إدارات الدولة، يتمدد من الأعلى للأسفل، هل تتخيلون إدارة ما في الدولة ليس بها واسطة أو محسوبية، هل تتصورون إدارة أو خدمة مفروضة مما يمكن أن تنجز بدون تقديم المعلوم (رشوة)، هل تتصورون أن وزيراً أو قيادياً نزيهاً يمكنه أن يصلح وحده من إدارته من دون أن يتدخل "عوير وزوير" ونواب الفساد لقلب الأمور على رأسه، أو قد يجد هذا القيادي نفسه أمام واقع لا يمكنه أن يغيره فيسلم أمره لله ويستقيل، أو يبقى مع جوقة الخراب ويصبح واحداً منهم!
أحلام وآمال لا نملك غير العمل كي تتحقق.
تعليقات