هيله المكيمي :الخطاب الحكومي خجول وعلى طريقة التحلطم

زاوية الكتاب

كتب 508 مشاهدات 0


صرح مصدر حكومي رفيع المستوى في الأنظمة الديموقراطية المتقدمة تتواصل الحكومة بصورة دائمة مع المواطنين عبر خطابها وبرنامج عملها الذي يتفاعل حوله المواطنون بل ويساندون الحكومة في تطبيقه وانجازه، فعادة ما يخرج رئيس الحكومة اما لعقد مؤتمر صحافي وإما لإلقاء بيان يتواصل فيه مع جموع المواطنين. الا ان الحالة الكويتية تشكل استثناء غريبا يتمثل في الغياب الكامل للخطاب الحكومي، فنواب المجلس هم المتصدرون لصفحات الجرائد اليومية لإلقاء ما طاب لهم من تصريحات مسؤولة أو غير مسؤولة، فالحكومة لا تملك أي خطاب سياسي يلتف حوله المواطنين، فجل ما نشاهده هي اخبار المسؤولين على طريقة غادر واستقبل، او بعض من التصريحات المتفرقة التي تؤدي في أغلب الأحيان الى اعتلاء الوزير منصة الاستجواب! فالبرلمان نجح في افراغ الخطاب الحكومي من مضمونه الذي اصبح وديعا يخطب ود النواب ولا يتعدى ان يكون ردود أفعال لصد هجمات النواب، اما في حالة هجومه الخجول على النواب فيلجأ خطاب الحكومة، على الطريقة الكويتية في «التحلطم»، الى التستر تحت عباءة «صرح مصدر حكومي رفيع المستوى»، التي كان آخرها تذمر المصدر من تدخلات النواب في تعيينات الملحقين الإعلاميين والتي دفعت بقرار الاغلاق. ان غياب برنامج عمل الحكومة ادى الى غياب ذلك الخطاب، الذي اخل بجزء مهم في عملية التعاطي السياسي، فحتى لو اراد الكويتيون مساندة الحكومة كيف لهم بمساندة حكومة تفتقد برنامجا ولا تتحدث معهم مباشرة! فالحكومة هي التي ساهمت في طغيان البرلمان بسبب غياب رؤيتها وبرنامجها الواضحين، والطريف ان الحكومة حينما تتذمر من ذلك الوضع، الذي هو من صنع يديها، تلجأ بعض أطراف النظام الى تشغيل الاسطوانة القديمة بالحل غير الدستوري للبرلمان. المنطقة لا تحتمل المزيد من الفوضى، ولاسيما في ضوء التصريحات الأميركية الأخيرة، التي تؤكد ضرورة استقرار الكويت من أجل المساهمة في تسهيل الانسحاب الأميركي من العراق، الذي سيكون مقدمة لمزيد من الفوضى في المنطقة، بل ان مقدمة تلك الفوضى برزت على ضوء تحقيق النيابة أخيرا مع بعض الأحزاب التي ترى في الكويت ولاية وتدعو لاقامة دولة الخلافة! الحل الدستوري ايضا لن يكون مخرجا فقد أتى برلمان 2006، أقوى من سلفه المنحل فما بالنا بالقادم وليد الدوائر الخمس. قبل التشكيل الحكومي الأخير كتبت مقالا بعنوان «من هم الوزراء القادرون على تسويق الحكومة؟!» حيث شبهت حكومة الشيخ ناصر المحمد ذات التوجهات الاصلاحية بالمنتج الجيد الا انها تفتقد الوزراء القادرين على تسويقها بشكل صحيح، وهي الآلية التي دعيت الحكومة لاعتمادها في اختيارها للوزراء، الا ان الحكومة اختارت الارتماء في احضان الكتل بدلا من المواطنين، فاذا كان النواب يخاطبون مصالحهم الخاصة ومصالح أصواتهم الانتخابية، فالحكومة تخاطب كل المواطنين الذين طال انتظارهم لذلك الخطاب، ففي ظل غياب الحكومة الاختياري، ظل النواب الواجهة الوحيدة التي يستقي منها المواطنون المعلومات، التي أغلبها مبالغ فيه بفعل التناحر السياسي. على الحكومة ان تنجز برنامجها وتتوجه بخطابها لعموم المواطنين وألا توجهه فقط للنواب، وان تتفاعل مع مؤسسات المجتمع المدني ووسائل الاعلام والكتّاب بكل شفافية، وستعلم ان رهان برنامجها الاصلاحي اكثر شعبية من رهان الاستجوابات، بل ان ذلك الاسلوب سوف يحرج البرلمان مما يعطي المزيد من القوة للحكومة، التي ستتمكن من الحديث برموزها من دون الحاجة «للتحلطم» بطريقة «صرح مصدر حكومي رفيع المستوى»! د.هيله المكيمي
الوسط

تعليقات

اكتب تعليقك