داهم القحطاني: يجب أن تكون الدولة حازمة جدا ضد كل سياسي وكاتب وإعلامي ومدون يستغل انتماءه للكويت فيوظفه في دعم دولة بعينها ليوحي بأن هناك موقفا كويتيا سلبيا ضد دولة أخرى
زاوية الكتابكتب داهم القحطاني يناير 5, 2020, 9:41 م 664 مشاهدات 0
السؤال الأهم الذي يجب أن يشغل كل كويتي يتركز في كيفية تعزيز سياسة النأي بالنفس رسميا وشعبيا، لنكون في مأمن من تداعيات الصراع الأميركي - الإيراني، وذلك يتم عبر الاكتفاء بإبداء المواقف ذات الطابع الإيجابي، التي تدعو دائما إلى التهدئة، وإلى تجنب أي تصعيد عسكري.
نحن في الكويت في صراع بين المصالح والجغرافيا، فمصلحتنا كدولة تقع مع الولايات المتحدة لأسباب عدة، من أهمها أن الدول المحيطة بنا لم تترك أي مجال لتشكيل منظمة تعزز التعاون والأمن في المنطقة، وحتى لا تتحول الكويت إلى لبنان أو يمن آخر، كان لا بد من تعزيز التعاون مع أكبر قوة عظمى في العالم، تماما كما تفعل ألمانيا واليابان ودول أخرى.
أما الجغرافيا، فتضعنا على بعد كيلومترات قليلة من إيران؛ بلد الثورة المستمرة، وبلد النفوذ الذي يريد أن يمتد إلى دول الجوار، ما يجعلنا كدولة نسعى دائما لطمأنة هذا الجار الخطير عبر اتباع سياسة هادئة تتجنب استفزازه.
حساسية الوضع الكويتي ربما لن يشعر أحد بخطورته وحساسيته الا إذا عمل وزيرا لخارجية الكويت، فحينها سيدرك أن عليه السير بدقة متناهية في وسط حقل من الألغام قد ينفجر في أي لحظة. نحن بلد صغير، ومهما كان حجم تأثيرنا في بعض الملفات، فعلينا ألا ننساق خلف سياسات العداء مع البلدان الأخرى مهما كان المبرر، فالعالم في وقتنا الراهن لم تعد تتحمل فيه الدول الكبرى أي استفزازات قد تصدر بحسن نية من بلدان صغرى.
ربما نكون أقرب في سياستنا إلى الولايات المتحدة لأسباب عديدة من أهمها الطابع غير المستقر الذي تتبعه إيران في علاقاتها مع دول المنطقة، لكن هذا لا يعني مطلقا قيام أي طرف كويتي، على المستويين الرسمي والشعبي، بقيادة حملات مضادة لإيران فهذا أمر بالغ الخطورة.
قد نشارك في سياسات مناوئة للسياسة الإيرانية ضمن أطر دولية وإقليمية كمجلس التعاون الخليجي، وكالمنظمات الدولية، أما أن نبادر نحن إلى أن نكون رأس الحربة في ضرب إيران فهذه حماقة سياسية لم تقم بها حتى الدول التي تحتل إيران جزءاً من أراضيها.
لهذا كله يجب أن تكون الدولة حازمة جدا ضد كل سياسي وكاتب وإعلامي ومدون يستغل انتماءه للكويت فيوظفه في دعم دولة بعينها ليوحي بأن هناك موقفا كويتيا سلبيا ضد دولة أخرى.
في زمن شبكات التواصل الاجتماعي وإمكانية أن تتحول المعلومات المفبركة إلى أخبار رئيسية تضر في الموقف الدبلوماسي للدولة، أصبح من الضرورة انشاء جهاز معلوماتي مختص يرصد مثل هذه التجاوزات ويعالجها في حينه قبل أن تتحول إلى مرحلة الإيذاء.
الوضع استثنائي ويتطلب اجراءات استثنائية من رجال دولة استثنائيين.
تعليقات