زايد الزيد: التسامح الديني مع الغرباء هو أمر مثير للإعجاب داخل المجتمع الكويتي لكن مايمكن أن يثير الإعجاب أكثر هو أن ينتقل هذا التسامح إلى آفاق أرحب وأوسع وأعني أن يكون تسامحنا فيما بيننا
زاوية الكتابكتب زايد الزيد ديسمبر 30, 2019, 9:09 م 499 مشاهدات 0
ازدحمت العاصمة الكويت بعشرات الآلاف من الوافدين المنتمين للديانة المسيحية والذين احتفلوا بموسم أعياد الميلاد أواخر شهر ديسمبر، حيث توافد أتباع المذاهب المسيحية المختلفة إلى كنائسهم في مشهد مثير للاهتمام ، حتى أنه أدى إلى ازدحام مروري كبير دداخل العاصمة لم يعهده الكويتيون إلا في مواسم الأعياد وموسم عيدي الوطني والتحرير في فبراير.
وفي حقيقة الأمر فإن هذا الازدحام وهذه المظاهر الاحتفالية الكبيرة التي تمت في يوم الخامس والعشرين من ديسمبر، لها دلالات عميقة وكبيرة تشير إلى تراجع حدة الكره للآخر وعدم قبوله في الجانب الديني بالذات، حيث كانت الدعوات تُثار دوماً - في السابق - ضد الأقليات الدينية داخل مجلس الأمة وفي الصحف ووسائل الإعلام ، وتطالب إما بإزالة الكنائس من الكويت، أو عدم فتح كنائس جديدة أو منع مئات الآلاف من الوافدين الذين يعملون ويعيشون في الكويت من أداء طقوسهم الدينية.
ولعل أبرز أسباب هذا القبول للآخر في المسائل الدينية، هو ضعف التيار الإسلامي الذي بات مُلاحظاً وواضحاً للجميع ، بما فيهم أتباع هذا التيار الذين بدأوا بكتابة مؤلفات وتقارير ودراسات حول أسباب ضعف التيار وعدم قبول بعض أفكاره داخل المجتمع، كما بدأ جزء آخر منهم بعملية مراجعة شاملة للأفكار خصوصاً تلك المتعلقة بقبول الآخر وكراهيته والدعوة إلى منعه من أداء شعائره الدينية. كما ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي، وما يمكن لنا تسميته بـ «إعلام الشخص الواحد» في توضيح حقيقة مهمة عن المجتمع الكويتي مفادها أن غالبية الناس ليست متعصبة فيما يخص منع الآخرين، خصوصاً المسيحيين، من أداء طقوسهم الدينية ، خاصة وأن الإسلام لا يمنعها بل ويجيزها من خلال أدلة شرعية قاطعة، بينما في السابق كان بعض المتعصبين «يحتكرون» الصفحات الدينية في الصحف ولا يمكن للناس التعبير عن سخطهم من أفكار هؤلاء حول كراهية الآخر دينياً والتحريض عليهم.
إن هذا التسامح الديني مع الغرباء هو أمر مثير للإعجاب داخل المجتمع الكويتي، لكن مايمكن أن يثير الإعجاب أكثر هو أن ينتقل هذا التسامح إلى آفاق أرحب وأوسع، وأعني أن يكون تسامحنا فيما بيننا، فنترك الطائفية والقبلية والفئوية، ونظهر تقبلاً أكثر للمواطنين من أبناء جلدتنا، فهذا أمر أكثر أهمية لأنه يساهم في وحدة البلاد واستقرارها وينهي جزءاً كبيراً من المشاكل السياسية «التافهة» و«المفتعلة» بيننا.
تعليقات