‫خالد الطراح: هناك طاقة سلبية وطاقة إيجابية لكنهما من صنع الإنسان نفسه فالإنسان الضعيف يبحث عن عوامل مادية ليصبح قويا وليس عوامل ذاتية‬

زاوية الكتاب

كتب خالد الطراح 590 مشاهدات 0


ساعات تفصلنا عن عام ميلادي جديد قد يكون أفضل من العام السابق بكثير أو أشد صعوبة، لكنه يظل عاماً جديداً.. عاماً للسمو بالذات نحو 2020. 


يتصور الإنسان مخطئاً أنه يجيد معرفة نفسه وطباعه، بينما واقعياً لا يمكن للإنسان أن يدرك كل العوامل المحيطة به والمتوغلة بداخله، فازدحام العقل البشري بمزيج من التناقضات والضغوط النفسية والاجتماعية، يحول دون الإدراك للذات وما يسكن في الأعماق. 


حين يتمعن الفرد في جدوله اليومي، يجد أنه يعيش من دون وقفة ثوان مع ذاته، التائهة بين واقع من صنع النفس والظروف المحيطة ونكران الأخطاء ونقاط الضعف، لأنه، أي الإنسان، لم يعط نفسه فرصة التمعن بذاته الحقيقية. 


هناك من يقوى على المواجهة، وهي رحلة شاقة وشائكة في بداياتها، لكنها في منتهى الروعة بنتائجها، إذا ما استعد الإنسان لمعانقة أعماقه من دون خجل للتعرف على تناقضاته، وصولاً إلى التعرف الحتمي للذات والتصالح مع النفس. هناك من يهرب من انكساراته الحياتية، متخيلاً أنه الحل الأمثل، بينما الانكسارات هي من دروس الحياة، فالسعادة نسبية وكذلك الحزن. 


التأمل عبر فنون ذهنية وجسدية وعقائد متنوعة هو في الواقع المفتاح نحو السمو بالنفس إلى الجديد الخفي، فممارسة، مثلا، رياضة اليوغا قد تساعد على قمع الضعف والتصدي لليأس واستبدال الأمل به. 


ثمة عوامل سلبية قد يكون مصدرها أفراد قريبون جدا على الإنسان أو معتقدات من تفسير خاطئ والطبيعة الكونية أو عجلة عفوية في الحياة، نتيجة سباق نحو حزمة أهداف وليس هدفا واحدا، فمن المستحيل تحقيق كل ما تطمح أو تحلم فيه النفس البشرية من أهداف في آن واحد. لا شك أن الجلوس مع أحضان النفس مهمة صعبة للغاية، ولكنها ممكنة إذا ما توافرت الإرادة الذهنية في التفكير وعدم الاستسلام لحواس من الخوف نتيجة اضطرابات نفسية بفعل ظروف معينة قد تكون من صنع الذات الضعيفة! 


فالإنسان، خصوصاً في المجتمع المغلق، أكثر عرضة للخوف والاضطراب، فكثير من الناس يعملون ضد ذاتهم من دون إدراك ذلك، فتصدير الأمل يحتاج إلى إنسان منفتح ومسلح بقوى ذهنية لمواجهة القادم المبهم. هناك طاقة سلبية وطاقة إيجابية، لكنهما من صنع الإنسان نفسه، فالإنسان الضعيف يبحث عن عوامل مادية ليصبح قويا وليس عوامل ذاتية. 


هناك جملة من الظروف التي نعيشها.. لا ينبغي التوقف عندها وجعلها سبباً لتوقف عقارب الحياة غير الزمنية، فالإنسان يستطيع أن يكون ذكيا وناجحا إن شاء، وممكن أن يعطل عقله بقراره، وهو ما يعني التضحية بمقومات موجودة بالذات، ولكن النكران والانشغال لأسباب مصطنعة من خيال نفس الذات البشرية يقودان الإنسان إلى الاستسلام للخوف وفقدان التوازن، وهو في الواقع جزء كبير من خيال واهم ضد الذات! 


إن السمو بالذات يدفع نحو التأمل بالحياة والانسجام مع النفس من دون خجل أو وجل، حتى لا يتحول الإنسان إلى معول هدم ضد ذاته.   


كل عام والبشرية بخير نحو عام، قد يحمل الجديد المفرح أو الكثير المحزن.. إنها الحياة البشرية. 


تعليقات

اكتب تعليقك