داهم القحطاني: نظام الصوت الواحد سيكون كفناً لكل طموحات صباح الخالد في الاستمرار رئيسا للوزراء
زاوية الكتابكتب داهم القحطاني ديسمبر 29, 2019, 10:50 م 430 مشاهدات 0
لا أعتقد أن رئيس الحكومة الشيخ صباح الخالد يأمل أن تحقق حكومته أي انجاز كبير خلال السنة التي ستمضيها، وهي تسير في حقل ألغام يتعرض لقصف جوي مستمر من نواب لن تأخذهم شفقة في أي وزير أو وزيرة طالما كانت هذه سنة انتخابية.
الخالد الذي وصل لهذا المنصب لكونه عضوا في الأسرة الحاكمة، ثم لأنه يتمتع بالنزاهة وسجل من الإنجازات في منصبه السابق وزيرا للخارجية، يدرك جيدًا أن معركته الحقيقية ستكون خروج حكومته من هذا الوضع الملتبس بأقل الأضرار، ولهذا لا يتوقع أن يخوض الوزراء معارك ضارية لإنقاذ بعضهم البعض فكل وزير «يدبر نفسه كما يقال».
ربما الوسيلة الأفضل لإشغال مجلس الأمة عن التركيز على الشق المتعلق بالمحاسبة السياسية، قيام الحكومة بطرح قضايا ذات تأثيرات شعبية على الشارع، بحيث تحقق للنواب شيئًا من المكاسب أمام ناخبيهم، وربط انجاز كل ذلك بالتهدئة السياسية غير المعلنة.
هذه مهمة الوزير «الليبرو» في الحكومة، أي في لغة كرة القدم اللاعب الذي يتحرك في كل مكان ليؤدي مهام مختلفة، وفي مراكز عدة تقود الفريق للفوز أو حتى التعادل المشرف.
لكن هل يوجد في أولى حكومات صباح الخالد وزير من هذا الطراز؟ هذا السؤال الأهم الذي كان يجب أن يطرح لدى تشكيل الحكومة الحالية، فمن دون رجال أو نساء دولة يعملون في السياسة ويفهمونها، حتماً سيجد الخالد نفسه في صداع دائم مع الوزراء والوزيرات الذين أسهم الحظ في وصولهم لمناصب كان يفترض دستورياً ألا تُعطى لغير المؤهل لها.
هذا من الجانب التكتيكي المتعلق بهذه المرحلة، لكن ماذا عن الاستراتيجية التي يفترض أن يتبعها صباح الخالد في السنة الثانية له كرئيس وزراء إذا أراد أن يستمر من دون معوقات قد تطيحه؟ الجانب الأهم السعي لتغيير نظام الصوت الواحد، فهذا النظام رغم أنه يُضعف مجلس الأمة ويجعل البرلمان في تشنج دائم بحثاً عن المكاسب الشخصية للنائب لكي يرضي قاعدته الصغيرة التي أتت به للمقعد النيابي وتريد حصتها من «الكيكة» كما يقال، فانه بالمقابل أضعف الحكومة، وأفقدها العمل الجماعي مع الكتل الرئيسية في مجلس الأمة، وهي التي كانت في مجالس سابقة تعقد الصفقات السياسية المشروعة مع الحكومة، خصوصاً في ما يتعلق بتشريع القوانين الرئيسية.
نظام الصوت الواحد سيكون كفناً لكل طموحات صباح الخالد في الاستمرار رئيسا للوزراء، وما لم يتغير إلى نظام بديل ينقل العمل البرلماني الحكومي من مرحلة التشنج المستمر، إلى الصراع السياسي المشروع والمنظم، فلا شك لدي بأن صباح الخالد لن يستطيع الاستمرار، فهو كما قلنا رجل نزيه، ويهمه قبل كل شيء أن يحقق التغيير والإنجاز.
الجانب الثاني يتعلق بإستراتيجية الحكومة وقدرتها على بناء تحالفات مباشرة مع مؤسسات المجتمع المدني المؤثرة، ومع النشطاء والمؤثرين الذين يتصفون بالكفاءة والنزاهة، فهؤلاء، وإن كانوا صرحاء في طرحهم، فإن عودهم صلب جدا في ما يتعلق بالدفاع عن قيم الدولة والمواطنة، كما أن لديهم كماً من الخبرة السياسية والمرونة ما يجعلهم قادرين على بناء جسور من التفاهم غير الانتهازي مع النواب، والتيارات السياسية.
من دون هؤلاء سيتحول صباح الخالد من قائد ملهم للعمل الحكومي، إلى جنرال يخوض كل يوم معركة ضارية لإنقاذ ما يمكن انقاذه، وهي معارك تنتهي دوماً بالهزيمة المُحبِطة.
تعليقات