حسن جوهر: الوصف الذي يمكن إطلاقه على التشكيل الوزاري الجديد هو حكومة تصريف الأنظار.. والمسرحيات السياسية القادمة سوف تؤدي عمداً أو جهلاً إلى نسيان هموم البلد
زاوية الكتابكتب د. حسن جوهر ديسمبر 19, 2019, 9:59 م 3076 مشاهدات 0
الأصداء الشعبية الأولية على التشكيل الحكومي تفاوتت ولكن البعد السلبي فقط جمع بين التهكم والاستياء والغضب واللامبالاة، ولم يتم رصد أية ردود فعل إيجابية أو متفائلة في ظل شبه الإجماع على وصف الحكومة بالمؤقتة وذات العمر القصير، الأمر الذي يدعو إلى التساؤل عن سبب الإحباط الشعبي من المشهد السياسي الذي تقوده الحكومة منفردة نحو المزيد من التراجع والإخفاق وتفاقم الفساد المنظم بلا أمل في إصلاح حقيقي أو جاد.
ومع كل الاحترام للسيدات والسادة الوزراء الجدد بأشخاصهم وانتماءاتهم وتحملهم المسؤولية السياسية إما لقناعات خاصة أو نتيجة لترتيبات معينة أو الميانة والتوجيب، بما في ذلك الاحتمال المؤكد بتوزيعهم على الحقائب الوزارية دون إرادتهم، يبقى أن التقييم السياسي لا يعنيهم بشكل مباشر بقدر ما يعني المنظومة التي قبلوا الانضمام لها، وإن كان أداؤهم الفردي يبقى تحت المجهر.
التشكيل الوزاري يضم مجموعة قد تكون الأغلبية في مجلس الوزراء من حملة شهادات الدكتوراه بالإضافة إلى أصحاب الخبرة إلى جانب التنوع العمري الذي شمل عددا من الشخصيات الشبابية، كما أن المواقف السياسية والمبادئ التي وثقها بعض الوزراء الحاليين في الماضي، خاصة ما يتعلق بالنقد للأداء الحكومي ومحاربة الفساد وتقديم رؤى طموحة، قد يجعلهم تحت المطرقة والسندان، حيث المتوقع أن يكون الأداء الحكومي كما في السابق، إذ يغرق الوزراء بالمشاكل اليومية ويتم توريطهم بتعقيدات الوزارة والمناصب القيادية فيها والإملاءات السياسية التي تفرض عليهم كمجرد موظفين كبار، بمعنى أن النهج الحكومي وسياسة إدارة الدولة بعقلية الفلسفة السيادية التي لا يسمح لهم بالخوض فيها، ناهيك عن المشاركة في إعداد تصوراتها وأهدافها، والنتيجة هي إما أن يتحول هؤلاء إلى مجرد أدوات في ظل سياسة "إن شاء الله طال عمرك"، أو يتم التضحية بهم عند أية مواجهة أو ترضية للمعازيب الكبار، فمنذ التحرير تم تصفية الكثير من العقول النيرة والضمائر الحية ورجال الدولة، فلا استفادت الحكومة من جهودهم ولا شعبياً ظلوا في الأضواء، وقد يكون هذا المصير المحتوم لعدد من الوزراء الجدد.
التحدي السياسي للوزارة الجديدة أيضاً كبير، فوزارة برئيس جديد ووزراء لأول مرة أمام ملفات ضخمة ومتورمة ووقت قصير من الصعب أن تضيف ما هو لافت واستثنائي، والمجلس في أيامه الأخيرة وبعد سبات طويل سوف يستعرض عضلاته لإظهار بطولات ما قبل الانتخابات، وهذا ما تم الإعلان عنه في تصريح رئيس مجلس الأمة المبطن بالتهديد وتوّعد بعض النواب لعدد من الوزراء ليس على برنامج عمل الحكومة الجديدة أو محاصرتها في مواجهة الملفات التي أسقطت الحكومة السابقة، إنما على خلفيات شخصية وسخيفة كالنبش في آراء سابقة أو تغريدات قبل عقد من الزمن أو لأنهم فشلوا في فرض أسماء المقربين في التشكيل الوزاري الأخير.
خلاصة القول إن الوصف الذي يمكن إطلاقه على التشكيل الوزاري الجديد هو حكومة تصريف الأنظار، فالمسرحيات السياسية القادمة سواءً من الحكومة نفسها أو من بعض النواب سوف تؤدي عمداً أو جهلاً إلى نسيان هموم البلد، وملفات الفساد والمستقبل المجهول وإلهاء الناس في صراعات مذهبية وقبلية وفئوية، وعندها لا طبنا ولا غدا الشر!
تعليقات