زايد الزيد: شركة أجنبية قامت برشوة مسؤولين في الكويت طوال 16 عاماً دون أن تكتشف منظمات التحقيق المالي والهيئات الرقابية لدينا أي شيء عن هذه الرشاوى
زاوية الكتابكتب زايد الزيد ديسمبر 11, 2019, 10:33 م 978 مشاهدات 0
فضيحة جديدة تهز عالم الأعمال والمال هذه الأيام حول العالم، وتتعلق بإقرار شركة «إريكسون» السويدية المعروفة للهواتف، بتقديمها لرشاوى لمسؤولين حكوميين في عدد من بلدان العالم لتأمين عملها وضمان استمراريته بين أعوام 2000 و2016.
وستدفع شركة «إريسكون» بعد إقرارها بالذنب، غرامات تصل إلى 1،2 مليار دولار أميركي لصالح حكومة الولايات المتحدة الأميركية نتيجة دفعها للرشاوى وتزييف دفاترها وسجلاتها.
إلى هنا يبدو الخبر عادياً، بل ومملاً بالنسبة للمواطن الكويتي الذي لا يستثمر في بورصة نيويورك وليست له أسهم في أسواق اليابان المالية، لكن الشيطان يكمن في التفاصيل كما يقول المثل الغربي، ففي تفاصيل الخبر نجد أن الدول التي قام مسؤولو شركة «إريكسون» بدفع مبالغ طائلة لرشوة المسؤولين فيها هي جيبوتي والصين وفيتنام واندونيسيا والكويت.
نعم، لقد قامت شركة أجنبية برشوة مسؤولين في دولة الكويت طوال 16 عاماً دون أن تكتشف منظمات التحقيق المالي والهيئات الرقابية لدينا أي شيء عن هذه الرشاوى وحجمها، كما لم تكتشف الأجهزة الأمنية لدينا طبيعة أموال الرشاوى المقدمة، هل تمس الأمن الوطني أم لا؟ خصوصاً وأن قطاع الاتصالات يعد من القطاعات الحساسة والتي يجب على الدولة حمايتها من تغول الشركات الأجنبية.
إن ما يحزننا ليس وجود الرشوة وفساد بعض المسؤولين الحكوميين فحسب، بل هو حجم الفساد الإداري لدينا، وانكشاف أمننا الوطني وسيادتنا أمام «دولارات» الشركات الأجنبية، واكتشافنا هذا لم يأتِ عبر هيئاتنا الرقابية أو الأمنية، بل عبر محكمة صغيرة في جنوب نيويورك كما أورد الخبر الصحافي الذي نُشر في كبريات الصحف ووكالات الأنباء العالمية!
المصيبة أن هذه ليست الفضيحة المالية الأولى التي يجري اكتشاف تورط شركات عالمية فيها داخل الكويت عبر الصحافة العالمية، إذ سبق وأن كشفت صحيفة «التايمز» البريطانية عن تورط شركة نفطية كبرى بدفع رشوة تقدر بمليوني دولار أميركي للفوز بصفقة نفط في الكويت.
المضحك في الأمر أن هذه الجريمة اكتشفت عن طريق الصدفة حينما اقتحمت الشرطة المحلية في موناكو الفرنسية مكتباً لشركة متعاونة مع الشركة العالمية وجرى اكتشاف هذه الرشوة التي -فيما نعرف- مرت مرور الكرام ولم يتم الحديث عنها بشكل واسع أو محاسبة المتورطين فيها داخل الكويت، هذا عدا رشوة شركة «سيمنز» الألمانية الشهيرة لمسؤولين في الكويت قبل سنوات، والمفارقة ان عدداً من المسؤولين عن تقديم الرشوة في «سيمنز» أودعوا السجن، بينما من تلقى الرشوة من مسؤولينا يسرحون ويمرحون أحراراً طلقاء.
إننا نطالب سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الخالد الصباح بتنفيذ وعوده بالاستجابة لأوامر سمو الأمير الصارمة بمحاربة الفساد والقضاء عليه، وجعل هذه القضية إحدى القضايا المدرجة على مكتبه، وإلا فإن أي حديث عن محاربة الفساد أو اجتثاثه يصبح لا قيمة له.
تعليقات