علي البغلي: اُرضوا بالهمّ.. لأن الهم لن يرضى عنكم!

زاوية الكتاب

كتب علي البغلي 575 مشاهدات 0


‫وأنا هنا أخاطب مواطن الثورات العربية المعاصرة من الجزائر مرورا بتونس وليبيا المنكوبة والسودان ومصر ولبنان وسوريا والعراق! فمعظم هذه الثورات – ما عدا ثورتي (إن اطلقنا عليهما ذلك تجاوزاً) تونس ومصر ـــ لا تزال تراوح مكانها، ومصير شعوبها وأوطانها في مواقع رمادية. ‬

‫ثورة الجزائر ضد بوتفليقة وجماعته لا زالت حامية، وأوقفت حال البلد. أما ثورة ليبيا فانقلبت حمراء، وانقسم الشعب هناك بعد ذهاب القذافي وأبنائه.. فالمشير خليفة حفتر لا يزال يقود الجيش الوطني الليبي ويقود قواته كما تقول الأخبار لتحرير العاصمة طرابلس من أحد زملائه وليس من أعدائه! وهذا الزميل (السابق) يدعى فايز السراج، يقود ميليشيات موالية لما يسمى بحكومة الوفاق، والسراج وقع مؤخرا اتفاقا مع تركيا.. وزير خارجية السراج أعرب مؤخرا عن خشيته من سقوط طرابلس في أيدي قوات الجيش بقيادة حفتر. فهل توجد مهزلة ثورية أكبر من ذلك؟! لا ولكي أزيد القارئ من الشعر أبياتاً وليس بيتاً واحداً.. أود إعلامه عن منتدى أقيم مؤخرا في روما، رسم صورة متشائمة للأزمة الليبية.. فهناك تدخل روسي، الذي انتقد مقدماً مؤتمراً سيعقد في برلين، وينظمه المبعوث الأممي لليبيا غسان سلامة، الذي تربطني وإياه علاقة شخصية وثيقة، وقد تواعدنا منذ سنتين على اللقاء في لبنان، عندما يتقاعد من جامعة «سيسن بو» الفرنسية، لكن يشاء القدر أن تختاره الأمم المتحدة ليمثلها في الجحيم الليبي. ‬

‫مسؤول أوروبي حضر منتدى روما قال «ان الاتفاق الليبي مع تركيا عقّد الصورة أكثر وزاد من الانقسامات الداخلية».. المشاركون في المنتدى قالوا ان العملية السياسية في ليبيا لن تكون سريعة، وان الانقسامات كبيرة داخل البلاد، وان اعادة بناء النظام ستستغرق أجيالاً. ‬

‫في الجلسة نفسها تردد كلام عن أهمية الحفاظ على النفط الليبي متدفقاً للأسواق العالمية، مع محاولة نزع سطوة الميليشيات عن نهبه، كما تردد كلام كثير عن مستوى الفساد العميق الذي يضرب البلاد، وعمليات النهب لثرواته على «مستوى غير مسبوق»! ‬

‫* * *‬

‫ فإذا كانت كل هذه البلاوي تحدث في ليبيا، التي كان يقودها بلوى عربي اسمه معمر القذافي، الذي أصبح الليبي العادي يترحم على أيامه السوداء.. وهي – أي ليييا – دولة غنية بالبترول والبحر المتوسط وفي أفريقيا وبالقرب من أوروبا.. فتخيلوا ما سيحصل لدول الثورات الأخرى كسوريا ولبنان والعراق والجزائر وغيرها.. ‬

‫لذلك نقول لمن تدور في رؤوسهم أفكار الثورات والهتافات والتظاهرات والفوضويات.. ارضوا بالهم الذي تعيشون تحت ظله.. لأن الهم القادم لن يرضى بكم أو عنكم.. وما يحصل في ليبيا الثرية الآن خير مثال على ما نقول! ‬

‫ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.‬

تعليقات

اكتب تعليقك