محمد المقاطع: التشكيل الوزاري وإشكاليات دستورية

زاوية الكتاب

كتب د. محمد المقاطع 835 مشاهدات 0


المتتبع لإجراءات التشكيل الوزاري تستوقفه بعض المسائل، التي نرى أنها تمثل إشكاليات جادة دستورياً، وهي:

1- يُستفاد من نص المادتين 57 و87 من الدستور أن التشكيل الوزاري بعد الانتخابات العامة يجب أن يتم خلال أسبوعين بعد الانتخابات، لأن أول جلسة لمجلس الأمة تتم بعد أسبوعين من ذلك التاريخ بحكم الدستور، وعليه فيقاس على ذلك أن أي تشكيل للحكومة أيضاً يجب أن يتم خلال نفس تلك المدة، لتجنب أي تداعيات دستورية.

2- أن التشكيل يجب أن يتم بأسرع وقت ممكن، لذلك فإن التراخي في التشكيل وتعمُّد إطالة مدته هو مخالفة دستورية صارخة، تُورث إشكاليات وأوضاعاً خارج المنظومة الدستورية، وتستوجب مساءلة سياسية جادة لرئيس الوزراء. 

3- أن تعيين صباح الخالد كرئيس جديد للوزراء ترتب عليه مباشرة انتهاء حكومة تصريف عاجل الأمور، برئيسها وجميع أعضائها، إعمالاً لصراحة نص المادة 103 من الدستور، التي تقرر "... يستمر في تصريف العاجل من شؤون منصبه لحين تعيين خلفه". أما وإن خلف رئيس مجلس الوزراء قد عُيِّن، فوجوده هو ووزراؤه انتهى وزالت صفته، وهو ما أكدته المحكمة الدستورية في حكمها رقم 20 لسنة 2012.

4- يترتب على ذلك لزوماً، أن ممارسة مَنْ زالت صفته لأعمال الوزير - بالنسبة لوزراء تصريف عاجل الأمور - تصبح قراراتهم وأعمالهم غير مشروعة، بل هي منعدمة، وهو ما سيقضي به القضاء إذا طعن عليها أمامه، بل يترتب عليها مساءلة هؤلاء جنائياً، لقيامهم بأعمال بلا سُلطة قانونية.

5- إن محاولة تجاهل صراحة نص المادتين 103 و129، والبحث عن تفسير لنصوص أخرى بالدستور، وصولاً لمعنى مغاير بتجميع بعض نصوص الدستور يعتبر تجاهلاً لصراحة نص المادة 103 من الدستور "لحين تعيين خلفه"، وهو يدخل في نطاق الإلغاء الواقعي للنصوص الصريحة، وتسطيح لأحكام الدستور، بل ولي نصوصه لحرفها عن صراحة معناها وقطعية دلالتها، وهو مصدر الإفضاء لواقع يهدر أحكام الدستور، ويثير تساؤلات لا وجود لها لو تم الالتزام بصراحة النصوص ووضوحها.

6- من غير السائغ قانوناً، بل من غير المنطقي، أن يُتراخى بتشكيل الحكومة لأكثر من أسبوعين، ثم يتم القول عن احتمال وجود "فراغ وزاري"، لذا يجب تشكيل الحكومة خلال أسبوعين، انصياعاً لأحكام الدستور وسلامة تطبيقها، لتجنب أي إشكاليات، مع الأخذ بالاعتبار مكنة رئيس الوزراء الجديد منفرداً، إذا حدث طارئ، أن يتولى مسؤولية الحكومة كاملة لوحده خلال فترة الأسبوعين اللازمة لتشكيل حكومته، تماماً مثل مكنته بتوقيع مرسوم تعيين الوزراء الجدد، لكونه يملك سُلطة كاملة، ومن هنا نجد تخلي الأنظمة البرلمانية عن لزوم توقيع رئيس الوزراء القديم - عند تصريفه لعاجل الأمور- وتبنيها سلامة وصحة صلاحيات الرئيس الجديد للوزراء بتوقيع مرسوم تعيينهم إلى جوار توقيع رئيس الدولة.

7- يتضح مما سبق أنه بعد أن تم تعيين رئيس وزراء جديد فلا مجال للتخوف من وجود "فراغ وزاري" أو الحديث عن ذلك، إذ إن تعيين رئيس الوزراء الجديد صباح الخالد لوحده -وإلى حين تشكيل حكومته- هو من يتولى أعمال الحكومة، ويمكنه حضور جلسات مجلس الأمة إذا استدعى الأمر ذلك

تعليقات

اكتب تعليقك