#رأينا_الآن ... رئيس الوزراء أمام فرصة تاريخية لإنهاء سياسة الترضيات في تعيين الوزراء , وبأن يكون شمعة وسط هذا الظلام الدامس
محليات وبرلمانالآن ديسمبر 8, 2019, 11:53 ص 671 مشاهدات 0
افتتاحية
لقد مرت الكويت خلال الأسابيع الماضية بأحداث، ولكنها لم تكن أي أحداث، فلقد كانت أحداثاً جسام، اختلط فيها الحابل بالنابل، وتبارى فيها المسؤولون برمي الاتهامات على بعضهم البعض علناً، وعبر البيانات الرسمية، في مشهد يندر أن يحصل بهذا الشكل، وبهذه الطريقة ، حتى ذهب الأمر إلى تكليف القضاء بالنظر في قضية اختلاسات صندوق الجيش وملابساتها التي اهتزت لها البلاد.
ورغم أن الغمة السياسية، و"حرب البيانات" قد انتهت، ونقلت القضية إلى ساحات القضاء لينظر فيها، ويميز المذنب من البريء، فإن غمة أخرى لا تزال تنتظرنا، أو دعونا نقول " اختباراً " جديداً نحن على أعتابه وهو اختبار تشكيل الحكومة الجديدة التي تشهد وجوهاً قد تكون جديدة وشابة بحسب "التكهنات" التي تنتشر في الصحف الكويتية وفي الدواوين ووسائل التواصل الاجتماعي و الأوساط المهتمة بالسياسة.
إن هناك "كليشيهات" جاهزة يستخدمها المحللون السياسيون، و الصحافيون، وكتّاب الأعمدة والمقدمات من قبيل " نحن الآن نعيش في عنق الزجاجة " أو " الوضع السياسي الإقليمي حرج جداً " وتسخر الجماهير دوماً من هذه القوالب والألفاظ الجاهزة ولا تراها سوى حيل صحفية ذكية لملء فراغات الصحيفة، وزيادة عدد الكلمات المنشورة، لكننا في سنتجرأ هذه المرة ونقول إننا فعلاً في عنق الزجاجة، وإن الوضع الإقليمي والسياسي الداخلي والخارجي حرج جداً، والمصيبة الأكبر من كل هذا، أن الحكومة الجديدة، هي حكومة غير خبيرة، وغير عارفة بخفايا الأمور ودهاليز السياسة الداخلية.
وقد يقول قائل، إننا اتهمناها قبل أن تعمل، أو قبل أن نعرف أسماء العاملين فيها، لكننا سنرد بكلمة سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الخالد الصباح، الذي اعترف في اجتماع مع رؤساء تحرير الصحف الورقية قبل أيام بأن " الأمر صعب " واعترف بقلة خبرته في السياسة الداخلية كونه قضى عمره في دهاليز الدبلوماسية الكويتية الخارجية في الأمم المتحدة أو في وزارة الخارجية، والشهادة لله، فإنه قد مثلها خير تمثيل وساهم في جعل الكويت أحد أهم العواصم الدبلوماسية في العالم، والعارفون بخفايا الأمور الدبلوماسية العالمية يعلمون جيداً معنى ما نقوله في ((لآن)) .
لكن صعوبة الأمر، وقلة الخبرة، ورفض الكثير من الوجوه المعروفة والمألوفة الدخول في هذا التشكيل الحكومي بسبب توقعهم أن يكون تشكيلاً مؤقتاً، كل هذه العوامل يمكن أن تكون نقاط قوة للحكومة بدلاً من كونها نقاط ضعف.
إننا في نقول لرئيس مجلس الوزراء إن صعوبة الأمر ومعرفة الشعب لهذه الصعوبة، وتقدير القيادة السياسية لها تعني أنك الآن ستعمل بدون ضغوطات، فمهما بلغت هذه الوزارة ما بلغت فإنها لن تكون أسوأ من السنوات الثمان الماضية التي شهدت فشلاً ذريعاً في كافة المستويات، وعمليات "ترقيعية" في كافة الأصعدة السياسية والاجتماعية والاقتصادية وحتى الرياضية.
إننا في نقول إن قلة الخبرة في السياسة الداخلية وخفاياها ودهاليزها ومؤامرتها، ووجود وجوه جديدة قد تكون دافعاً للحكومة لأن تترك سياسة الترضيات وشراء الولاءات، والنميمة ، والتعامل مع الحسابات الوهمية وغيرها، وهي الإجراءات التي أسقطت الحكومة السابقة، التي لم تتعرض لضغط نيابي، أو حراك شعبي، أو "مؤامرة" خارجية، بل أسقطتها حيلها وحبائلها التي حاولت أن تحتمي بها، فوجدت نفسها مختنقة بها.
إننا في نقول لرئيس مجلس الوزراء إن غياب الوجوه القديمة، واعتذار الكثير منها عن تولي المناصب الوزارية ربما تكون "خيرة" لرئيس الوزراء نفسه، وللبلد بأكملها، فسياسة الأقطاب الحكومية وصراع " كراسي الوزارات " آن له أن ينتهي، وأن يُقمع، وأن يُزال، وأن يكون القرار الحكومي واحدًا لا ثاني له، صارماً لا تراجع فيه، عادلاً لا ظلم فيه.
إن رئيس مجلس الوزراء الجديد أمام فرصة تاريخية لإنهاء سياسة الترضيات والمحاصصات القبلية والطائفية والحزبية والفئوية عموماً في تعيين الوزراء، وتعيين وزراء أكفاء يكونون متخصصين في وزاراتهم، عالمين فيها، لا أن ينزل وزراء "الباراشوت" على وزارات لا يعرفون عنها إلا اسمها، وتتحول الوزارة من هدفها الأساسي الذي أنشئت من أجله وهو تسيير أمور الدولة بالشأن المنوط بها، إلى حفلة بروتوكولية كبيرة، قوامها البخور والبشت وسيارة معالي الوزير وزياراته التي لا معنى لها لأماكن لا أهمية لها في أحداث ليس لها أي وجود في خارطة الزمان والمكان.
إننا بحاجة لوجوه شابة، ليس في العمر فحسب، فالعمر ليس مقياساً، فكم من وزير أو مسؤول شاب عاث في المال العام فساداً، لكننا بحاجة لوجوه شابة في السياسة، لم تتلوث فيها، وبحاجة لوجوه لا تهتم بـ"قواعد اللعبة" والحسابات الانتخابية، والحظوة القبلية، والفزعة الطائفية، والتكتل الحزبي، بل إننا بحاجة إلى وزراء "تكنوقراط" لا يرون أمامهم سوى حسابات واحدة، وهي حسابات الفشل والنجاح، كما هو الحال في أي دولة محترمة في العالم.
إن هذه المقدمة من هي رسالة إلى رئيس مجلس الوزراء الجديد بأن بإمكانه أن يكون شمعة في وسط كل هذا الظلام الدامس، وبإمكانه أن يحل الملفات العالقة، وأبرزها ملف العفو الشامل في قضية دخول المجلس وفي القضايا السياسية الأخرى، وأن يبدأ صفحة جديدة مع الجميع، وبإمكانه أن يعيد تكرار الأخطاء التي ارتكبتها الحكومة الماضية، ويذهب حيث ذهبت وهو بالخيار بين الأمرين.
تعليقات