مبارك الجري: الإسلام والسياسة في الكويت (٢)
زاوية الكتابكتب مبارك الجري ديسمبر 7, 2019, 10:08 م 708 مشاهدات 0
كانت حقبة الأربعينيات من القرن الماضي هي البداية لعملية استيراد أفكار الإخوان المسلمين إلى جغرافيا الكويت في بيئة فكرية ودينية متأثرة بحركة الشيخ محمد عبد الوهاب (١٧٠٣ – ١٧٩١) الإصلاحية.
وقد لعب بعض التجار الكويتيين (وفي مقدمتهم رجل الأعمال الكويتي السيد عبد العزيز علي المطوع) دوراً مهماً في تأسيس حواضن فكرية لأيديولوجيا الإخوان المسلمين، لا سيما في بداية الخمسينيات، بجانب دور طبيعة العلاقات الاجتماعية غير المعقدة في الكويت التي مكنت هذه الفئة من تكوين علاقات جيدة مع الأسرة الحاكمة.
وأعتقد أن المسألة الاجتماعية في الكويت تتحكم بقوة في المسألة السياسية فهي التي تشكل معالم الأخيرة حتى هذه اللحظة أكثر من تأثير الأفكار السياسية باختلافها وتنوعها.
الإخوان المسلمون كحركة جماهيرية
منظمة: هناك مراحل تاريخية مهمة تشرح عملية تحول جماعة الإخوان المسلمين في الكويت من مجرد حركة وعظية أو دعوية إلى حركة جماهيرية منظمة ويمكن تقسيمها إلى: أولاً - مرحلة التعبئة الأولى (١٩٤٦ – ١٩٦٠): وفيها تم تأسيس جمعية الإرشاد (ثقافية إسلامية) عام ١٩٥٢ الفرع المحلي لجماعة الإخوان المسلمين، وهذا الإعلان كان نتاجاً لتطور الحقل التعليمي في الكويت وشبه الجزيرة العربية بشكل عام، وتذكر الباحثة كارين لحود في كتابها «أن في نهاية أربعينيات القرن الماضي، تزامن تطوير النظام التعليمي في بلدان الخليج مع استراتيجية حركة الإخوان المسلمين، فكانت أول موجة كبيرة للمهاجرين الذين جذبتهم الفرص الاقتصادية المواتية، مؤلفة من مدرسين مصريين وفلسطينيين متحدرين من صفوف الإخوان المسلمين، أتت إلى الكويت بين عامي ١٩٤٨ و١٩٥٠».
والجدير بالذكر أن تأسيس هذه الجمعية لا يمكن عزله عن دور تيار الإخوان المسلمين العراقي الذي كان له تأثير كبير على الحركة في الكويت، وكان بمنزلة الجسر الفكري لأدبيات الإخوان فرع مصر والعراق من خلال دور النشر والمكتبات الإسلامية في البصرة (١٩٤٤)، والزبير (١٩٤٧)، فضلاً عن تغذية أفكار شخصيات مثل عبد المنعم صالح العزي وعبد الواحد أمان اللذين أسسا مسار الإخوان الفكري في الكويت.
لقد تشكلت جمعية الإرشاد من أربعة مستويات، الأول يتكون من جيل الشباب الذين تشربوا أفكار الإخوان المسلمين واستخدموها كتفسير لحالة الكويت الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، والثانِي يضم الدعاة التقليديين الذين لا يؤمنون بالضرورة بفكر حسن البنا، والثالث هو مجموعة متنوعة من النخب التجارية التي لديها علاقات جيدة بالأسرة الحاكمة، أما المستوى الرابع فيمثله الناشطون الأجانب الذين يشكلون الأغلبية.
ما سبق يفسر نجاح عملية استيراد فكر الإخوان المسلمين والتي تطورت بعد إنشاء جمعية الإرشاد كتنظيم، مسؤوليته الأولى تكمن في نشر تلك الأفكار في أوساط المجتمع الكويتي، وهذا ما حصل عندما استثمرت الحركة المجال الثقافي والاجتماعي والإعلامي وخاصة بعد تأسيس أول مجلة لهم عام ١٩٥٣ وهي تحمل نفس اسم الجمعية.
وبالرغم من التطورات السابقة إلا ان التعبئة الأولى فشلت وذلك لعدة أسباب، أولها: الصراع الايديولوجي مع التيار العروبي القومي الذي اتضح معه كما ترى الباحثة «غياب طبقة من المفكرين الإسلاميين القادرين على توفير مصادر ايديولوجية ضرورية للتعبئة»
وثانيها: انشقاقات داخلية ناتجة عن خلافات حول مؤسس جمعية الإرشاد عبد العزيز المطوع بسبب إدارته المطلقة للحركة، وهذا أدى إلى انقسام الحركة إلى كتلتين، الأولى كانت داعمة للمطوع وهي التي تمتلك قوة اقتصادية وقريبة من السلطة الحاكمة، والثانية مجردة من الموارد بالرغم من أنها تشكل الأغلبية.
وثالثها وهي الأهم: استقالة عبد العزيز المطوع من جميع مناصبه عام ١٩٥٤، وهي بمنزلة بداية لتراجع وانحدار الحركة لا سيما بعد توقف إصدار مجلة الإرشاد، وضعف تأثير مدرسة الإرشاد وقدرتها على الاستقطاب، وهذا ما أدى بنهاية الأمر إلى إغلاق جمعية الإرشاد عام ١٩٦٠.
تعليقات