داهم القحطاني: سيكون رئيس الوزراء وحكومته أشبه بحكومة إنقاذ وطني تمنع الكويت من الانزلاق نحو درك الدولة شبه الفاشلة
زاوية الكتابكتب داهم القحطاني ديسمبر 1, 2019, 9:50 م 530 مشاهدات 0
رئيس الوزراء المكلف الشيخ صباح الخالد، يعلم جيداً أن مهمته الأكثر إلحاحاً لا تتمثل بتشكيل أولى حكومات عهده، فهذا أمر ليس بالصعب إن أراد حقاً أن يؤلف حكومة من السياسيين الاصلاحيين، الذين لا يخشون سوى الله، ولا يضعون وسط أعينهم سوى الكويت.
التحدي الأكبر الذي إن عبره صباح الخالد، فسيحظى بسنوات من الاستقرار تتيح له تحقيق الانجازات، يتمثل في تهيئة الشرائح المستفيدة من طريقة التوزير تاريخياً لتتقبل عهداً بلا محاصصة، وأن تعلم هذه الشرائح، إن رفضت ذلك وقررت العمل على منع تشكيل الحكومة، فإنها تقف وحدها ضد رغبة دولة وشعب كامل في الخروج من دائرة تنامي الفساد المالي والإداري.
المطلوب على وجه التحديد حكومة بوزراء سياسيين إصلاحيين، لهم خبرات تقنية ووظيفية، وليس مجرد موظفين كبار أو أصحاب خبرات عملية، فالوزير بطبيعته منصب سياسي يُعنى بتنفيذ السياسات العامة عبر فهم وممارسة وخبرة.
بعد ذلك، على صباح الخالد أن يستغل الأجواء العامة المؤيدة لوجوده كرئيس وزراء يحظى بقبول عام، عبر البدء بإصلاح النظام السياسي والانتخابي، بحيث يجري توسيع القاعدة الانتخابية، فتغيب الطروحات الخدماتية التي انهكت الحكومات السابقة، وتبقى الطروحات العامة التي تحقق المعادلة الصعبة: خدمات عامة أكثر، صرف مالي مقنن، ارتفاع معدل التنمية، تطور مؤشرات التوظيف والتعليم والصحة العامة.
الطريق أمام صباح الخالد مملوء بالشوك والحفر والمكائد والمصالح الشخصية الضيقة، وهو يعلم جيدا أن قبوله بنظام التوزير التقليدي، ونظام إدارة الحكومة التقليدي، سيجعله هدفا سهلا لخصوم لا يرحمون، ولأصحاب مصالح يتطاير الشرر منهم، إن مس أحدٌ مصالحهم.
لكن هناك سؤالاً مهمّاً في هذا الصدد: من الذي سيتولى دعم صباح الخالد سياسياً وإعلامياً إن قرر المضي في طريق الإصلاح؟ الأمر يتطلب أولا وعيا من الفريق المحيط بالخالد، بضرورة تعيين فريق تنسيقي يشرح للرأي العام والكتّاب والمؤثرين من أصحاب الرأي، وليس أصحاب ملايين المتابعين، الخطط الإصلاحية لحكومته من أجل أن يحظى بدعم شعبي، خصوصا من قبل النخب الفكرية والإعلامية من المؤمنين بضرورة الدفاع عن أي رئيس وزراء وحكومة يتبنيان الإصلاح كنهج حقيقي لا بديل عنه.
حينها ستكون المعركة واضحة، وسيكون رئيس الوزراء وحكومته أشبه ما يكونون بحكومة إنقاذ وطني تمنع الكويت من الانزلاق نحو درك الدولة شبه الفاشلة، التي لا يمكن لها أن تخرج من مربع الفساد كنمط وكثقافة وكمرض سرطاني لا يمكن علاجه.
رهانات صباح الخالد يجب أن تتجه، وبشكل مباشر إلى الشعب الكويتي، وعبر آليات الرأي العام، أما مجلس الأمة كتركيبة حالية، والتيارات السياسية، فهما حالتان يجب التعامل معهما بحذر، فهما جزء من المشكلة، وهما أيضا جزء من الحل، وإن استطاع صباح الخالد أن يجد صيغة للتعامل مع النواب والسياسيين لا تتضمن الابتزاز والانتهازية، وهذا ممكن في ظل وجود نواب وسياسيين اصلاحيين، لا يزال هناك أمل في أن يكون لهم دور مهم في دعم حكومة صباح الخالد، إن أعلن وأثبت وبوضوح أن المنصب وسيلة للإصلاح، وليس غاية شخصية.
تعليقات