عالم فرنسي كاد يقطع رأسه.. وأنقذته "خنفساء" من الإعدام

منوعات

الآن - وكالات 704 مشاهدات 0


يصنف الفرنسي بيير أندريه لاتريل (Pierre Andre Latreille) كأحد أهم علماء الحيوانات الذين عرفهم التاريخ، إذ ساهم الأخير خلال مسيرته الزاخرة في تقدم وتطور علم الحشرات، وتحوّل خلال الفترة الأخيرة من حياته إلى شخصية مرموقة في المجتمع العلمي ولقّب من قبل كثيرين بأمير علوم الحشرات.

ومطلع القرن التاسع عشر، لجأ عالم الأحياء الفرنسي الشهير جورج كوفييه (Georges Cuvier) إلى بيير أندريه لاتريل للاستفادة من خبرته في مجال المفصليات أثناء كتابته لموسوعة حول التاريخ الطبيعي والحيوانات.

وكالعديد من العلماء من أمثال جان سيلفان بايي (Jean Sylvain Bailly) وأنطوان لافوازييه (Antoine Lavoisier)، اضطر بيير أندريه لاتريل لمواجهة المقصلة، إلا أنه كان أوفر حظا من الجميع، إذ نجا الأخير من الموت بأعجوبة بفضل حادثة غريبة لعبت خلالها الصدفة وخنفساء دورا هاما.

ومنذ طفولته واجه بيير أندريه لاتريل المصاعب، إذ ولد خلال شهر تشرين الثاني/نوفمبر 1762 وكان ابنا غير شرعي لأحد النبلاء. ومع تخلي والده عنه ووفاة والدته، تنقل لاتريل بين منازل العديد من سكان قريته بريف (Brive)، حيث أشرف هؤلاء على الاعتناء به وتربيته كأحد أبنائهم. وكان لهم التأثير الأكبر عليه، فشجعوه على الالتحاق بمدرسة الكاردينال ليموان (College du Cardinal Lemoine).

وأثناء فترة تعليمه، أبدى لاتريل إعجابا شديدا بعلوم الأحياء والتاريخ الطبيعي. وعلى الرغم من حصوله على رتبة شماس بالكنيسة، تجاهل العالم الفرنسي دوره المقدس مفضلا بدلا من ذلك الحصول على دروس في علم الحيوانات والنباتات وملاحقة الحشرات بكامل أرجاء باريس لجمعها وإجراء أبحاث عليها.

في خضم الثورة الفرنسية، مرر المجلس الوطني سنة 1790 جملة من القوانين ضد الكنيسة، أدينت من قبل البابا بيوس السادس (Pie VI)، أجبر من خلالها رجال الدين على تقديم قسم بالولاء للدولة الفرنسية والدستور، وهدّد كل من يخالف ذلك بعقوبة صارمة. وأثناء السنوات التالية، باشرت السلطات الفرنسية بملاحقة جميع رجال الدين الذين رفضوا هذا القسم، وأعدمت الكثير منهم بعد اتهامهم بالخيانة.

وعلى الرغم من عدم ممارسته لمهمته كرجل دين بتاتا وعمله طيلة السنوات الماضية على جمع ودراسة الحشرات، اعتقلت السلطات الفرنسية خلال شهر تشرين الثاني/نوفمبر 1793 العالم بيير أندريه لاتريل، ووجهت إليه تهمة التآمر على الدولة والدستور بسبب عدم تقديمه للقسم. وقد كانت هذه التهم حينها كافية لإرسال الأخير نحو المقصلة لقطع رأسه.

وبفضل درايته بجانب هام من علم الحشرات، عثر لاتريل داخل زنزانته على خنفساء مفترسة نادرة (Necrobia ruficollis) اعتادت الاستقرار داخل الأقبية والتغذي على الطعام المخزّن وجثث الفئران واللحم المجفف والجبن وجلود الحيوانات. ومع قدوم طبيب السجن لزيارته، عرض لاتريل عليه الخنفساء مؤكدا على أنها نوع نادر جدا من الحشرات.

وللتأكد من صدق كلامه، عرض الطبيب هذه الخنفساء على الطفل النابغة المولع بعلوم الأحياء جان بابتيست بوري دي سانت فنسنت (Jean Baptiste Bory de Saint-Vincent) البالغ من العمر حينها 15 سنة.

ومع تأكيد الطفل النابغة للأمر، تدخّل العديد من العلماء الفرنسيين لصالح بيير أندريه لاتريل فتمكنوا من إخراجه رفقة عالم أحياء آخر من الزنزانة، وإلغاء محاكمتهما ليكسب بذلك لاتريل حريته مجددا وينجو من الموت. وبعد أقل من شهر على هذه الحادثة أعدم جميع رفاقه الذين تواجدوا معه بالسجن عن طريق المقصلة.

وبفضل هذه الخنفساء النادرة، نجا بيير أندريه لاتريل من الموت، وواصل حياته ليصبح أهم عالم حشرات بعصره. وعمل لصالح المتحف الوطني للتاريخ الطبيعي بباريس، وانضم بشكل كامل سنة 1814 لأكاديمية العلوم الفرنسية وحصل بعد سبع سنوات على وسام جوقة الشرف لإسهامه في تقدم العلم.

تعليقات

اكتب تعليقك