أحمد الصراف: التأجيل المتكرر هو سبب مشكلة «البدون» الأساسية، وهذا ما سنواجهه قريبا مع الشهادات المزورة
زاوية الكتابكتب أحمد الصراف نوفمبر 11, 2019, 8:56 م 504 مشاهدات 0
بدأت مشكلة «البدون» قبل ستين عاماً، وتواجدهم في الكويت كان طبيعياً بسبب اتصال الأرض الحضرية بالأرض الصحراوية، وسهولة دخول الرعاة أو غيرهم من مواطني الدول المجاورة للبلاد طلباً لمأوى أو طعام أو مصاهرة أو غير ذلك. شجع هؤلاء على البقاء والتكاثر وجلب غيرهم ما رأوه من نجاح غيرهم في الحصول على جنسية الدولة دون بذل جهد كبير، فأرادوا أن يحذوا حذوهم، ولكن الأيام والسنين مرت من دون أن يحصلوا على الواسطة أو الوسيلة التي تسهل لهم الحصول على الجنسية، ومنها المال والحلال. منذ بدأت مشكلة «البدون»، أو المقيمين بصورة غير قانونية، والحكومات المتتالية تختار دائماً تأجيل البت في موضوعهم، لعل وعسى أن يتبخروا أو يختفوا من الوجود أو يعودوا الى الصحراء أو الى أوطانهم، ولكن لم يحدث شيء من هذا، بل تزايدت أعدادهم بالتوالد أو بغيره، وتزايد تذمرهم أو التذمر منهم. هذا التأجيل المتكرر، سنة بعد أخرى، هو سبب مشكلة «البدون» الأساسية، وهذا ما سنواجهه قريبا مع الشهادات المضروبة أو المزورة، بعد أن تكرر تأجيل البت فيها، وسيأتي يوم نجد فيه أعداد المزورين تعادل أعداد غيرهم. فقد ورد في القبس قبل أيام ان الطريق أمام تطبيق قانون حضر استخدام الشهادات غير المعادلة أصبح مسدوداً. فديوان الخدمة المدنية يقوم بترشيح المواطنين للعمل في الجهات الحكومية، ولكن هذه الجهات ترفض ذلك قبل اعتماد شهاداتهم من قبل التعليم العالي، ومع الضغط أصبح الأمر يتطلب الانتظار لأشهر عدة، خاصة بعد قرار وزارة الصحة إلقاء مسؤولية معادلة شهادات آلاف الأطباء على التعليم العالي. لقد سبق أن قامت وزارة التربية، في أواخر عهد الوزير الأستاذ بدر العيسى، بتشكيل لجنتين للتحقيق في الشهادات المزورة وغير المعتمدة، واحدة للتطبيقي، وأخرى للجامعة. الأولى تبحث في مبعوثي التطبيقي، وكل من حصلوا على شهاداتهم وهم «على رأس عملهم»، والثانية تبحث فقط في شهادات غير المبعوثين، المعينين من كويتيين وغيرهم، على اعتبار ان المبعوثين من جامعة الكويت يتم اختيار جامعاتهم من القائمة المعتمدة من القسم والكلية. وقد انتهى تقرير لجنة الجامعة بأن كل اعضاء هيئة التدريس في الجامعة يعتبرون من خريجي جامعات معتمدة، ثم جاء قانون مجلس الامة المقدم من وزير التربية الحالي، وتطلب أن يشمل التصديق والمعادلة الجميع حتى أعضاء هيئة التدريس والمبعوثين، الذين خدموا أكثر من ثلاثين عاما، وهذا جعل مسألة التحقق من صحة الشهادات مسألة معقدة أكثر. ولو افترضنا ان وزارة التعليم العالي اكتشفت حالات تزوير أو شهادات غير معتمدة بين هيئة تدريس الجامعة، فما هو الإجراء القانوني تجاه هؤلاء الذين أمضوا ثلاثة عقود في التدريس أو القضاء، وخرجت من تحت أيديهم أجيال عدة، ونال بعض خريجيهم شهادات عليا؟ هل ستبطل كل القرارات التي أصدروها؟ وهنا نسأل عما إذا كان من حق إدارة الفتوى والتشريع وقف العمل بالقانون الصادر من مجلس الأمة، أو طلب إحالته للمحكمة الدستورية للنظر في مدى دستوريته؟ الوضع دقيق، والخراب كبير، والتزوير متجذر، وتأخيره يفاقم من سوء الوضع. واستطراداً، فقد رفضت الهيئة العامة للقوى العاملة تجديد إقامة 4809 مهندسين، معظمهم من جنسية عربية معينة، بعد سقوطهم في اختبارات جمعية المهندسين الكويتية! تحميل الإعلان فإذا كان هذا وضع المهندسين، وقبلهم الأطباء وغيرهم من أصحاب التخصصات المهمة والصعبة، فما وضع أصحاب بقية التخصصات، الأقل خطورة نسبيا؟ حرام ما يحصل، وحرام الاستمرار في تجاهل المشكلة، وحرام أن يصدر قانون معادلة الشهادات بتلك الصورة المهلهلة، وحرام عدم تنفيذه، وحرام عدم السعي الى تعديله.
تعليقات