نقل رُفات ديكتاتور أسبانيا فرانكو بعد 44 عاماً من دفنه لإبعاده عن قبور ضحاياه
عربي و دوليالآن - وكالات أكتوبر 24, 2019, 5:58 م 934 مشاهدات 0
بدأت عملية نقل رفات وفاة الديكتاتور الاسباني فرانسيسكو فرانكو اليوم الخميس إلى مقبرة مختلفة في العاصمة مدريد وذلك احتراما لذكرى ضحايا القمع الديكتاتوري وضحايا الحرب الأهلية.
وقال مكتب رئاسة الوزراء ان عملية استخراج النعش جرت بحضور أشخاص معدودة هم وزيرة العدل المنتهية ولايتها دولوريس ديلغادو بصفتها كاتبة العدل العليا في الدولة وممثل عن الحكومة الإسبانية وطبيب شرعي وأربعة عمال تولوا مهمة رفع التابوت واثنان من أحفاد الجنرال فرانكو وذلك في غياب عدسات الكاميرات والهواتف الجوالة في داخل الكاتدرائية حرصا على خصوصية العملية.
وأوضح ان 22 فردا من عائلته هم أحفاده وعائلاتهم وفدوا اليوم إلى كاتدرائية (بايي دي لوس كاييدوس) لمتابعة عملية استخراج النعش ونقله وإعادة دفن فرانكو لاحقا في مقبرة (مينغوروبيو) بعد نحو 44 سنة على وفاته.
وتم بداية ازاحة بلاطة من الجرانيت يبلغ وزنها 1500 كيلوغرام قبل رفع التابوت الخشبي وفيه صندوق من الزنك يضم عظام الديكتاتور في عملية استغرقت نحو ساعتين ونصف الساعة علما بان الحكومة الاسبانية كانت قد جهزت تابوتين احتياطيين لتبديل التابوت الخشبي في حال كانت حالته متدهورة لكنها لم تحتج إليهما.
ونقل التلفزيون الاسباني الرسمي مراسم نقل التابوت بمروحية تابعة لسلاح الجو الاسباني إلى مقبرة (مينغوروبيو) التي تعود ملكيتها للدولة الاسبانية والتي تبعد 34 كيلومترا في رحلة ستستغرق وقتا بين 10 و15 دقيقة.
وسيتم في هذه المقبرة دفنه إلى جوار أرملته كارمن بولو التي توفيت عام 1988 علما بان تكاليف عملية النقل بلغت 63 ألف يورو (70 ألف دولار) منها 40 ألف يورو (5ر44 الف دولار) لصيانة وإعادة تأهيل مقبرة (مينغوروبيو) وتزويدها بالقضبان الحديدية وتركيب أجهزة استشعار الحركة وباب مصفح.
وسيكون للهيكل الذي سيوضع في القبر ثلاثة مفاتيح ستحتفظ الحكومة بواحد وهيئة التراث الاسبانية بآخر كما سيتحفظ القائمون على المقبرة بالمفتاح الثالث علما بان الحكومة الاسبانية عرضت على عائلة الديكتاتور شرائه فرفضت.
وتتم العملية وسط حراسة أمينة مشددة ولذلك لمنع تجمع المتظاهرين ومؤيدي فرانكو ومنعهم من (الصلاة على روحه) علما بان حراسة المقبرة ستستمر خلال الأيام القليلة المقبلة.
وتأتي عملية نقل رفات فرانكو (1939-1975) بعد حوالي 44 عاما على وفاته وذلك بعدما اتفقت السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية على "فصل الجلاد عن ضحاياه" وفق تعبير نائبة رئيس الوزراء الاسباني المنتهية لايتها كارمن كالبو وإبعاده عن النصب الذي شيده "لتحدي الوقت النسيان" وفق تعبير فرانكو في المرسوم الذي أمر فيه ببداية بناء أعمال بناء الصرح فاستمر ذلك التحدي.
وكان الجنرال فرانكو يرقد في كاتدرائية (بايي دي لوس كاييدوس) (أي وادي الذين سقطوا باللغة العربية) وهو عبارة عن نصب تذكاري أمر فرانكو ببنائه في بلدية (سان لورينزو ديل الاسكوريال) في منطقة (مدريد) ويضم أكثر من 33 ألف قبر من ضحايا الدكتاتورية وممن قاتلوا في الحرب الاهلية من الطرفين.
ودفن فرانكو في 23 نوفمبر عام 1975 مع كل مراسم الشرف والأوسمة وبحضور الملك خوان كارلوس الأول لكن مراسم نقله إلى مقبرة (مينغوروبيو) اليوم تتم في أجواء مختلفة تماما تهيمن عليها "الرصانة والاحترام" من دون أي مراسم شرف.
وترك فرانكو إسبانيا من دون أحزاب سياسية لكنها اليوم تتمتع بوجود العديد من الاحزاب الممثلة في المجلس التشريعي ومنها حزب (بوكس) اليميني المتطرف والجديد على الساحة الاسبانية والذي وصف عملية انتشال عظام فرانكو ب (التدنيس) وبانه لا يمكن (القاء 40 عاما من الديكتاتورية في سلة المهملات) في حين اكتفى الحزب الشعبي المحافظ بالقول ان نقل فرانكو ليس أولوية وانه لا تأثير له على تاريخ إسبانيا.
لكن الحكومة الاسبانية الاشتراكية بقيادة بيدرو سانشيز سعت لنقل جثة فرانكو منذ 17 يونيو 2018 على الرغم من ان الطريق لم يكن سهلا لاسيما في ضوء عراقيل وضعها قضاة محليون واعتراض أحفاد الديكتاتور ولجوئهم إلى المحكمة العليا التي أيدت قرار الحكومة في نهاية المطاف.
وأعلن أحفاد فرانكو انهم سيلجؤون إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الانسان لتقديم الطعون في قرار يراه البعض مليئا بالتناقضات.
وأعطت الحكومة الاسبانية الضوء الأخضر في أغسطس الماضي لانتشال عظام الديكتاتور من ضريحه بعدما صادقت على مرسوم ملكي لتعديل (قانون الذاكرة التاريخية) الذي صدر في 26 ديسمبر 2007 في عهد رئيس الوزراء الأسبق خوسيه لويس ثاباتيرو ثم صادق البرلمان الاسباني على القرار.
ويعنى القانون بتكريم ذكرى ضحايا الحرب الأهلية (1936-1939) وضحايا ديكتاتورية الجنرال فرانكو (1939-1975) والاعتراف بهم واستعادة الذاكرة التاريخية وتوضحيها للأجيال اللاحقة.
وفي 24 سبتمبر الماضي أيدت المحكمة العليا قرار الحكومة بإخراج رفات الديكتاتور فرانكو بعدما أجمع قضاة المحكمة على رفض الطعون التي تقدمت بها أسرته ورفضهم أيضا طلبها بنقل رفاته إلى (كاتدرائية المودينا) التي تضم واحدة من أهم المقابر في قلب العاصمة مدريد.
ويطوي استخراج رفات فرانكو من مكانه اليوم صفحة أكبر رموز الديكتاتورية في يوم تاريخي حيث لطالما أثار وجود فرانكو في المكان نفسه إلى جانب ضحايا الديكتاتورية العسكرية ألما في شرائح واسعة من الشعب الاسباني كما ان إسبانيا لن تواصل مسيرتها الديمقراطية وهي تصون صرحا لديكتاتور وتدفع الملايين سنويا لصيانة هذا الصرح
تعليقات