محمد العطوان يشرح لماذا يكتفي الشباب من الفتيات بــ " ضيفيني سناب "

زاوية الكتاب

كتب محمد العطوان 897 مشاهدات 0


القبس 

نتشارك الحلم نفسه في هذا العالم، ولكننا نفسره بأشكال مختلفة، قد يختفي في سياقها التحفظ العربي الأصيل اللائق تجاه المحيط الاجتماعي.
الحب أحد الأحلام التي يتشاركها البشر في كل مكان، أما تفسيره فيأخذ شكل صاحبه!

كتاب «الحب السائل» لعالم الاجتماع زيغمونت باومان يحدثنا فيه عن تطورات المجتمعات الأوروبية الحديثة، وكيف أن كل الروابط التقليدية قد فقدت سيطرتها، وهذا معناه أن الروابط الثابتة والممتدة في الأسرة، والطبقة الاجتماعية، والدين، والزواج، وربما حتى الحُب لم تعد حقيقية أو مرغوباً فيها كما كان من قبل.
وقديماً كان يقال إن الحب والموت حقيقتان ثابتتان في عالم متغير، تغيرت هذه المعادلة، يشير باومان إلى أن الحب أو العلاقات العاطفية برأيه لم تعد مركزاً لهذا الثبات، بل صار الحب هو الآخر واقعاً في نسبية اليومي المتغير والمعاش، للدرجة التي يصح أن نقول معها إن رحلة البحث عن الحب، هي رحلة البحث عن المطلق في عالم تتحرش به النسبيات.

يخاطبنا مندوبو المبيعات عبر التلفاز قائلين لنا إن لم يحقق لك المنتج الرضا الكامل، يمكنك رده واستعادة نقودك كاملة، وهذا هو بالتحديد تفسير الحب لأشخاص استهلاكيين حد التخمة يمارسون حرية الاختيار حد الاحتراق، من منظور الممارسة السائدة للمجتمع الاستهلاكي.
أما العلاقات خارج اطار الزواج، فتكتسب لديهم جاذبية أضحت مفقودة في روابط المصاهرة والنسب التقليدية، وذلك لأن مقاصدها متواضعة، ولا تؤخذ فيها المواثيق ولا العهود، وإذا أخذت، فهي ليست مقدسة، ولا تفرض قيوداً ولا أغلالاً، ولا تتطلب إشهاراً ولا شيخ دين يباركها، فالمرء لا يطلب من هذه العلاقة إلا القليل، ولا يحصل منها إلا على القليل.

إن أهم ما تمنحه وسائل التواصل الاجتماعي لجيل اليوم، هو الفرصة الدائمة للرحيل بشكل هادئ ومسالم من أي علاقة، فقط بضغطة زر تمحو وجود الطرف الآخر وتضعه في قائمة «البلوك».

إحصائية وزارة العدل التي تشير إلى انتشار ظاهرة العزوبة الإرادية لدى الشباب من سن 25 إلى 34 عاماً ويمثلون 29 في المئة من هذه الفئة، قد يكون سببها الخوف الشديد من الدخول في روابط التزام عاطفي نحو الآخر، وهو ما تمت صياغته أخيراً في مصطلح «Commitment Issues - الخوف من الكوميتمنت». ينتشر هذا المصطلح في الأوساط الشبابية بشكل كبير، وربما يصلح أن نعتبره مرادفاً لمصطلح قديم نسبياً وهو الخوف من المسؤولية، وهو ما يجعل الشاب يدع الباب مفتوحاً من دون أن يقول الكلمة الحاسمة، في أهم ما اعتبره العرب له قداسة ورفعة وهو الحب.

وفي عالم يتم تقييم الأفراد فيه بمقدار شهرتهم في محيطهم الاجتماعي، أو عدد متابعيهم على وسائل التواصل الاجتماعي، ونوع ماركة الملابس، والمظهر الخارجي بدءاً من السيارة وحتى الحذاء والهاتف، وفي عالم أصبحت الرقابة العائلية فيه شبه معدومة بسبب عبارات مثل «الحياة الخاصة» و «حرية الفرد»... في هذا العالم يصبح الخلاص في كلمة واحدة: ضيفيني سناب!

تعليقات

اكتب تعليقك