عبدالعزيز الفضلي يكتب عن الجاهلية الحديثة:الزعيم الفلاني ...التعصب القبلي والعائلي ...عدم محاسبة المتنفذين
زاوية الكتابكتب عبدالعزيز الفضلي أكتوبر 8, 2019, 11:48 م 854 مشاهدات 0
رغم مرور أكثر من 14 قرناً على بداية البعثة النبوية، وانتشار الإسلام ومبادئه بين المسلمين، إلا أنه لا يزال بعض مجتمعات المسلمين يعيش شيئاً من بقايا جاهلية ما قبل الإسلام!
الجاهلية الأولى كانت آلهتهم من الحجر، وإلٰه الجاهلية المعاصرة أصبح من لحم ودم.
أصبح البعض يعتقد أن الزعيم الفلاني هو الضار النافع، وهو الخافض الرافع، وهو المُعِز المُذِل، وهو الذي ينبغي تحقيق رضاه قبل أي أحد سواه ولو كان رضا رب العالمين!
بقايا جاهلية تُقدم تشريعات بشرية على تشريع رب العالمين، والله تعالى يقول: «أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حُكْما لقوم يوقنون».
نعيش جاهلية التمايز الطبقي، والتي يطالب من خلالها البعض للتفريق بين الناس بحسب ثرائهم المالي أو أحسابهم وأنسابهم!
مع أن الإسلام ساوى بين الناس ووضع قاعدة للتمايز بينهم وهي «إن أكرمكم عند الله أتقاكم».
اشتكى الصحابي بلال الحبشي من إساءة أبو ذر الغفاري له حين عيّره بأمه السوداء.
فقال النبي عليه الصلاة والسلام لأبي ذر: «أعيّرته بأمه؟ إنك امرؤ فيك جاهلية».
فمتى يتوقف البعض عن سؤال أي شاب يلتقيه: إنت ولد منو؟
تزايد في السنوات الأخيرة أحد مظاهر الجاهلية الأولى، وهي الفزعات والتعصب القبلي والعائلي!
كان الشاعر الجاهلي ينشد:
وما أنا إلا من غَزِيّة إن غَوَت
غوَيْت وإن تَرْشد غَزِيّة أرشد
فهو مع القبيلة «غَزِيّة» في غيّها أو رشدها، ظالمة أو مظلومة.
واليوم نرى تزايد هذه الفزعات خصوصاً فترة الانتخابات، وممّا يؤسف له وصول هذه التعصب الجاهلي إلى طلبة الجامعة والكليات العلمية، بل وحتى إلى النقابات المهنية.
فصار من الطبيعي أن تسمع عن تزكية قبيلة ما لأحد أبنائها، ليكون ممثلها في القائمة الطلابية الفلانية!
وتتم الدعوة إلى دعمه وتأييده، ليس لفكره أو شخصيته وإنما فقط لانتمائه القبلي أو العائلي!
ولست هنا بصدد الحديث عن السبب الذي عزّز هذا التعصب القبلي في المجتمع، وإنما أشير إلى خطورة انتشاره، والذي قد يتطور فيصبح مقدماً على التعصب للدِّين أو الوطن!
من صور الجاهلية محاسبة الضعيف، والتجاوز عن القوي أو صاحب النفوذ، وهذه أحد أسباب هلاك الأمم السابقة، كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم.
فاليوم قد يُسجن من سرق ديناراً، بينما يسرح ويمرح من سرق أو اختلس الملايين!
لقد واجه النبي - عليه الصلاة والسلام - والصحابة الكرام مظاهر الجاهلية الأولى، واليوم الدور منوط بالمفكرين والمثقفين وأهل العلم والدعاة والمصلحين والإعلاميين والسياسيين - المخلصين الصادقين - لمواجهة وتصحيح وعلاج مظاهر الجاهلية المعاصرة.
فهل يقوم هؤلاء بدورهم المنشود؟
تعليقات