#جريدة_الآن عبدالرحمن الجيران: الصحوة إلى أين؟
زاوية الكتابكتب عبدالرحمن الجيران سبتمبر 28, 2019, 9:45 م 558 مشاهدات 0
سؤال يجب أن نقف عنده لمعرفة أين تتجه هذه الجهود وماهي اهتمامات الشباب ؟ وهل النجاح بالشعارات أو بالمظاهر والمظاهرات؟ أم بصناديق الاقتراع؟
إن من أهم الأمور في تحديد معيار النجاح قضية الفهم، أي فهم مراد الله تعالى ومراد الرسول صلى الله عليه وسلم، لأن كثيراً من الدعاة أوتوا علماً، لكن لم يؤتوا فهما ولا حكمة! ولا يكفي أن تحفظ كتاب الله وما تيسر من متون السنة المطهرة من دون فهم، كما لا تغتر بكثرة العبادة والصلاة والصيام، فهؤلاء الخوارج كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (تحقرون صلاتكم على صلاتهم وصيامكم مع صيامهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية).
والحقيقة التي قد تغيب على كثير من الدعاة، أن الخطأ في الفهم قد يكون أشد خطراً من الخطأ بالجهل، ذلك لأن الجاهل الذي يخطئ بجهله يعرف أنه جاهل ويتعلم، ولكن الذي فهم خطأ فإنه يعتقد في نفسه أنه عالم، ويعتقد أن هذا الذي فهمه هو مراد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
ومن نظر في آلاف الأطنان من الكتب الإسلامية، بزعمهم التي تقذفها المطابع على مدار العام... عٓلِم ما فيها من افتراء على الله، فضلاً عن فتاوى مشايخ الفضائيات المنحرفة، وشطحات دكاترة الشريعة العصريين!
وهذا يعطينا مؤشراً عن طبيعة عقلية شباب الصحوة التي تتربى اليوم على هذا الانحراف الفكري والسلوكي.
إن قضية الفهم قضية مهمة، فعلينا أن نفهم ماذا أراد الله من عباده؟ هل أراد أن يشق عليهم في أداء العبادة أم أراد بهم اليسر؟ وماذا أراد الله من عباده حين شرع الجهاد في سبيله، هل أراد أن يستبيح بيضتهم؟ وماذا أراد الله من عباده حين أمرهم بتحكيم شريعته؟ هل أراد بهم الفوضى والشعارات والمظاهرات لتقيموا شريعته على أرضه؟ ومن اطلع على قواعد الشريعة وأعرافها وسبر أغوارها، يعلم يقينا أن الله تعالى يريد بنا اليسر ولا يريد بنا العسر. ولهذا لم يشرع الله تعالى الجهاد و القتال في مكة، لأن المسلمين قلة قليلة ليس لهم حول ولا طول، ولو شرع الله تعالى الجهاد في تلك الفترة لزال الإسلام وزالت آثاره بقتل المسلمين، ولهذا جاءت الحكمة في التشريع الإسلامي بأن الله تعالى يُشرع لكل مرحلة ما يناسبها من حال المسلمين قوة وضعفاً.
والحكمة تقتضي إتقان الأمور وأحكامها وإنزالها منازلها ووضعها بمواضعها وليس الحكمة أن تتعجل وتطلب من الناس أن ينقلبوا عن حالهم، التي هم عليها إلى الحال التي كان عليها الصحابة - رضي الله عنهم - بين عشية وضحاها، ومن أراد ذلك من خلال ثورة أو شعار أو بكثرة أحزاب، فهو سفيه في عقله بعيد عن الحكمة لأن حكمة الله عز وجل تأبى أن يكون هذا الأمر، ويدلك على هذا أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الذي نزل عليه الكتاب، نزل عليه الشرع متدرجاً حتى استقر في النفوس واكتمل بثلاث وعشرين سنة.
فلا بد من طول النفس، واقبل من أخيك، وتدرج معه شيئاً فشيئاً، حتى تنتشله من الباطل، ولا يكن الناس عندك على حد سواء، فهناك فرق كبير بين الجاهل والمعاند والشريف والضعيف والمبتدع الخامل والساعي في بدعته، ولكل منهم أسلوب في التعامل والأمثلة على ذلك كثيرة في السنة المطهرة وكيفية تعامل النبي صلى الله عليه وسلم معهم.
الخلاصة
طريق النصر والعزة والتمكين بالعلم والعمل، وليس بالاماني.
وللحديث بقية.
تعليقات