#رأينا_الآن دبلوماسية الكويت راسخة ورزينة وثابتة , والمبادىء فيها تعلو على المصالح

محليات وبرلمان

عميد دبلوماسيي العالم الأمير صباح الأحمد جعلها مصدر قوة وإعجاب لدى الدول الأخرى

الآن 469 مشاهدات 0


افتتاحية

دخلت الولايات المتحدة الأمريكية إلى مسرح الأحداث في الشرق الأوسط عقب الحرب العالمية الثانية ، حينما وقع الرئيس الأمريكي الأسطوري فرانكلين روزفلت أثناء عودته من مؤتمر يالطا عام ١٩٤٥ اتفاقاً مع مؤسس المملكة العربية السعودية وموحد أراضيها الملك عبد العزيز بن سعود ، عرف باتفاق كوينسي ويقضي بحصول الولايات المتحدة على حقوق تنقيب النفط في المنطقة مقابل حماية المملكة العربية السعودية والشرق الأوسط.

يومها، انقشعت بريطانيا الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، القوة الاستعمارية الأعظم في التاريخ عن مسرح الأحداث شيئاً فشيئا ، وانزوت من دائرة الأحداث ، وذبلت سيطرتها على إمارات الخليج المتبقية حتى جاء موعد استقلال الكويت عام ١٩٦١ ، ثم تأسيس الدولة الوطنية الحديثة وكتابة الدستور وبناء المؤسسات التي كان سمو الأمير الحالي الشيخ صباح الأحمد جزءًا منها بل وركناً أصيلاً من أركان الدبلوماسية الكويتية التي شهد لها القاصي والداني.

وبعد مرور السنين والأحداث، وتصرف خطوب الدهر بما يسوء أحياناً ويفرح أحياناً أخرى، بداية من مطالبات عبد الكريم قاسم ثم حادثة الصامتة ثم سلسلة الإرهاب الأسود الذي ضرب الكويت في الثمانينيات والحرب العراقية الإيرانية ثم الغزو العراقي الغاشم على الكويت، سجلت الدبلوماسية الكويتية نقاط انتصار كبيرة في مسرح الأحداث الدولية.

ورسّخ بطل الدبلوماسية الكويتية وشيخها صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد أثناء توليه وزارة الخارجية أهمية الكويت في الشرق الأوسط عبر توليه ملفات الصلح بين المتخاصمين في المنطقة ، وأصبحت الكويت من خلال سمو الأمير مقربة من الولايات المتحدة الأمريكية، شرطي المنطقة الجديد، بعد جلاء البريطانيين عنها، مع الاحتفاظ باستقلالية الدولة الكويتية في اتخاذ قرارها السياسي.

وبعد استلام سمو الأمير مقاليد الحكم ، بدأت السياسة الخارجية الكويتية مرحلة جديدة من مراحلها التاريخية، حينما تحولت من مجرد "ضرورة" تقوم بها كل دولة للحفاظ على استقلاليتها ووجودها في المجتمع الدولي والمنظمات العالمية ، إلى " مصدر قوة " للكويت، وباتت الكويت قوة سياسية يُحسب لها ألف حساب في عواصم صناعة القرار العالمية من موسكو إلى واشنطن مروراً ببكين ولندن وباريس.

واكتسبت الكويت قوة دبلوماسية ناعمة عبر تنظيمها للمؤتمرات الإقليمية وحصولها على عضوية مجلس الأمن غير الدائمة ونصرتها للكثير من القضايا العربية والإسلامية وعلى رأسها القضية الفلسطينية وقضية مسلمي بورما من أقلية "الروهينجا" الذي تسومهم السلطات البورمية سوء العذاب ، إضافة إلى الدور المشهود في محاولة إنهاء الحرب اليمنية عبر استضافة مؤتمر للحوار بين الشرعية اليمنية والمتمردين الحوثيين ، وجمع الأموال والتبرعات في مؤتمرات المانحين لصالح الشعبين السوري والعراقي اللذان طحنت الحروب بلادهما.

لكن أهم ما اكتسبته الكويت من قوة دبلوماسية ناعمة في ظل عهد سمو الأمير "عميد الدبلوماسية" العالمية في السنوات الأخيرة كان في كفة، وما تحقق في السنتين الأخيرتين في كفة أخرى من اكتساب الكويت لأهمية كبرى لدى القوة العالمية العظمى عسكرياً وسياسياً واقتصادياً وهي الولايات المتحدة الأمريكية بأقل مجهود وبذكاء دبلوماسي كبير من قبل القيادة السياسية لدينا.

وتحولت الكويت في السنتين الأخيرتين من شريك سياسي وعسكري واقتصادي للولايات المتحدة كما هو الحال مع بقية دول مجلس التعاون الخليجي وبعض دول المنطقة العربية ، إلى "الشريك الأكثر أهمية" في الخليج بعد الأزمة الخليجية وتصدي سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الصباح للوساطة في هذه الأزمة ومحاولة تقريب وجهات النظر.

وجاءت زيارة سمو الأمير الأولى إلى الولايات المتحدة الأمريكية بعد الأزمة الخليجية بشهور قليلة لتؤكد للعالم الواقع الجديد في المنطقة ، وهو ثقة البيت الأبيض من جهة والمؤسسات الأمريكية الكبرى من جهة أخرى في الكويت كحليف متزن وصديق يمكن الوثوق بتصرفاته وأفعاله في المنطقة .

إن كل المكاسب التي حققتها الكويت عبر تحولها إلى الشريك الأكثر أهمية للولايات المتحدة الأمريكية تحققت بفضل السياسة الكويتية الراسخة في التعامل مع المسائل الخارجية ، والتي قامت أركانها على جعل مصلحة الشعوب فوق كل شي .

وقد يتساءل بعض القراء "وما أهمية تحولنا إلى ما يوصف بأنه الشريك الأكثر أهمية في المنطقة؟"  ولكي نجيب عن هذا السؤال فلا بد لنا أن نوضح في "الآن" بعض الأساسيات الاستراتيجية التي لا غنى للقارئ العادي عنها فضلاً عن السياسي أو المهتم بالسياسة على أقل تقدير.

إن الولايات المتحدة الأمريكية تعتبر اليوم القوة العظمى في العالم والقوة المطلقة في الشرق الأوسط ، والحصول على شراكة سياسية واقتصادية وسياسية معها مع الحفاظ على الاستقلالية الداخلية وحسن العلاقات مع بعض دول الجوار التي تعاديها الولايات المتحدة – مثل إيران – يضمن لنا عدم تكرار ما حدث عام ١٩٩٠ ومن غزو عراقي غاشم على البلاد ، ويضمن لنا قوة دبلوماسية وغطاء دولياً يستمر متى ما استمرت الولايات المتحدة الأمريكية في تواجدها داخل المنطقة.

وفي حال اضمحلال القوة الأمريكية أو انسحابها من المنطقة – وهو إجراء غير متوقع في الفترة الحالية – فإن الكويت ستبقى بفضل النهج الدبلوماسي الذي وضع أركانه سمو الأمير على مقربة من الجميع ولها علاقات مع كافة القوى الموجودة في الإقليم وهي تركيا وإيران والصين وروسيا، أما علاقتنا بالمملكة العربية السعودية فلا يصح الحديث عن وجود علاقة أو عدم وجودها، لأن مصير البلدين مرتبط ببعضه كما قال الملك فهد رحمه الله ساعة احتلال البعث الغاشم لأرض الكويت.

إن لقاء سمو الأمير المرتقب مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الثاني عشر من هذا الشهر سيعطي للعالم بأكمله درساً في الدبلوماسية الدولية ، أساسه الرزانة الدبلوماسية وقوامه الثبات على المبدأ وعدم الحياد عن الحق حتى لو تعارض مع الحلفاء كما هو الحال مع موقف الكويت الراسخ والثابت تجاه القضية الفلسطينية وهو الموقف الذي جعل الأمريكيين يتأكدون من رسوخ السياسة الكويتية وثباتها.

تعليقات

اكتب تعليقك