#جريدة_الآن تحركات الكويت .... بادرة جديدة لإنفراج أزمة الخلاف الخليجي
محليات وبرلمانالآن - وكالات سبتمبر 4, 2019, 10:46 ص 556 مشاهدات 0
زيارة رئيس مجلس الأمة الكويتي مرزوق الغانم قبل أيام إلى الدوحة، حاملا رسالة خطية من الأمير الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح لأمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، رآها كثير من المراقبين أنها ربما تكون بداية لجولة كويتية أخرى ضمن جولات عديدة ماضية لإحداث نوع من الانفراجة في الأزمة الخليجية.
لتأتي بعد ذلك بأيام قليلة زيارة الشيخ جاسم بن حمد آل ثاني الممثل الشخصي لأمير قطر إلى الكويت حاملا رسالة جوابية إلى الشيخ صباح الأحمد، لترفع من شأن توقعات المراقبين للأزمة الخليجية، وأن تحركا كويتيا يبدو أنه سيكون نشطا مع بدء عودة الحياة السياسية بالمنطقة مع انتهاء فترة الإجازة الصيفية، واعتبار زيارة الممثل الشخصي لأمير قطر للكويت دليلا ثانيا على صحة توقعات وتخمينات المراقبين بشأن الدور الكويتي لحلحلة الأزمة.
وما إن تم الإعلان عن توجه أمير الكويت نحو واشنطن في زيارة خاصة تتبعها أخرى رسمية لإجراء مباحثات مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب يوم الخميس 12 سبتمبر/أيلول الجاري، حتى اعتبر المراقبون ذاتهم أن الزيارة بمثابة دليل ثالث على صحة ما يذهبون إليه بشأن حلحلة الأزمة في الخليج.
وقد سبقت تلك التحركات رسالة شفوية نقلها وزير الدولة عضو مجلس الوزراء السعودي الأمير تركي بن محمد بن فهد آل سعود من العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى أمير الكويت.
تأتي تلك الدلائل في وقت تقوم فيه الدوحة بإعادة تأكيد رسائلها السابقة واستعدادها للحوار من أجل لملمة الصف الخليجي، من ذلك ما أكده وزير الدفاع القطري خالد محمد العطية في لقاء جماهيري بمهرجان "نجاح قطري" في الدوحة قبل أيام، بأن قطر منفتحة على حوار غير مشروط مع دول الحصار متى أرادت تلك الدول، في إشارة فسرها مراقبون بأنها رسالة للثلاثي الخليجي المحاصر لقطر بأن الأزمة لا يمكن أن تنتهي إلا بالحوار وليس غيره.
من زاوية أخرى، يرى متابعون للأزمة الخليجية أن أحداث اليمن المتسارعة ربما ساعدت أكثر ودفعت نحو حلحلة الأزمة، لاسيما أن القوة الرئيسية في المنطقة، وهي السعودية، تجد نفسها بعد تلك الأحداث أقرب إلى الوصول لنقطة حرجة لا بد من التوقف عندها، خاصة بعد أن تلقت ضربتين من حليفتها الإمارات في مدة وجيزة.
الدوحة ترى أن الأزمة الخليجية تضعف مجلس التعاون الخليجي وتمثلت أول خطواتها في انسحابها من التحالف بزعم إعادة تموضع لقواتها باليمن، وهو -كما تبين لاحقا- انسحاب تكتيكي متدرج، خاصة بعد أن علمت الأخيرة مقدار الضغوط الدولية على المشاركين في حرب اليمن والتبعات المتوقعة عليهم، فآثرت الخروج من تلك الدائرة سريعا، لتفاجئ السعودية بضربة ثانية تمثلت في دورها الفاعل في انقلاب المجلس الانتقالي الجنوبي بعدن على الحكومة الشرعية، والرغبة في تقسيم اليمن، بحسب مغردين رسميين إماراتيين، في خطوة رأتها السعودية في غير محلها ولا وقتها.
لكن ما علاقة أحداث اليمن بالأزمة الخليجية؟
السعودية منذ تورطها بالتدخل في اليمن واستمرار الحرب إلى الآن، ثم حصار قطر فمقتل الصحفي جمال خاشقجي، وموقفها يتأزم، بل يزداد حرجا أمام العالم.
وقد تضاءلت فرص الخروج منها سليمة بعد أن تشابكت خيوط الأزمات الثلاث عليها، لتأتي أحداث اليمن الأخيرة وتزيد الطين بلة، حتى بات واضحا للجميع أن تغيرا في المزاج السعودي الرسمي منه والشعبي قد وقع تجاه الحليف الأوثق والأقرب لها وهي الإمارات، الأمر الذي دفع أصواتا من الداخل السعودي للدعوة للانفكاك عن الإمارات، رغم ما لذلك من تبعات كبرى من البقاء في التحالف، وضرورة البحث عمن يمكنه التخفيف من عمق الأزمات التي تعيشها الرياض.
ولا شك في أن الدوحة -بحسب متابعين- هي المحطة التي تجد فيها الرياض حلولا لبعض أزماتها، من باب القاعدة الفقهية "ما لا يُدرك كله لا يُترك جله". فإذا عجزت الرياض عن حل كل أزماتها دفعة واحدة، فهذا لا يعني القعود وترك أزماتها كلها، بل عليها حل إحداها أو بعضها.
ومن هذا المنطلق يرى البعض أن الرياض ربما بإزاحة أزمتها مع قطر من طريقها، قد تجد لدى الدوحة –بعد إعادة تطبيع علاقاتهما- دعما سياسيا وإعلاميا، يعينها على حلحلة أزماتها الأخرى.
الدوحة من جانبها تدرك أن السعودية هي عمقها الإستراتيجي، وأن أزمة الحصار - بغض النظر عمن يقف وراءها- تُضعف الدولتين، بل مجلس التعاون كله، وأن الحوار مع الرياض بشكل ثنائي والوصول إلى تفاهمات من شأنهما تحريك حجر الأزمة، باعتبار أن بقية الثلاثي المحاصر لقطر لا يملك تأثير بلد بحجم السعودية.
قطر أرسلت رسائل عديدة تتضمن استعدادها لحل الأزمة عبر الحوار غير المشروط
فالمنامة قرارها مرتبط بالرياض، في حين أن وجود القاهرة في الأزمة كعدمه بالنسبة لقطر، ولا تأثير لها عليها، لتبقى أبو ظبي بعد ذلك قصة أخرى تحتاج لمعالجة خاصة لا تعتبرها الدوحة أولوية في الوقت الراهن بقدر أولوية الرياض.
في هذه الأجواء وبهذه الرؤى، ربما الوسيط الكويتي التقط الإشارات والرسائل، فبدأ من فوره تغيير رؤيته لحل الأزمة، ويعيد قناعاته بشأن الحل، الذي قال سابقا إنه حل جماعي طالما الأزمة جماعية.
لكن مع التغييرات الواقعة على أرض الواقع، واختلاف السياسات والمصالح بين أطراف الأزمة، وانطلاقا من القاعدة الفقهية "ما لا يدرك كله لا يترك جله"، يرى بعض المراقبين أن الكويت قد تنشط وتدفع باتجاه دعم تصالح قطري سعودي على مستوى معين كمرحلة أولى، تتبعها -وفق ما سيترتب عليه إصلاح الوضع بين الطرفين- مرحلة إصلاح الوضع بين الدوحة وبقية أطراف الحصار.
ولا شك في أن أجندة أمير الكويت في زيارته لواشنطن ستتضمن الأزمة الخليجية كإحدى الأولويات المهمة للشيخ الصباح، بالإضافة إلى بحث قضايا أخرى تخص المنطقة مع ترامب، انطلاقا من دور الأخير في التأثير على مجريات الأمور بالمنطقة باعتبار تشابك مصالحه مع وليي عهد السعودية وأبو ظبي، طرفي أزمة الخليج الرئيسيين.
فهل ستتحرك الكويت وفق تلك القاعدة، وبالمثل تسير كذلك تحركات كل من الرياض والدوحة؟ هذا ما يمكن أن تبوح به أيام شهر سبتمبر/أيلول الجاري، الذي يبدو أنه سيكون ساخنا كما أجواء الخليج التي تبدأ بعدها تميل نحو الاعتدال.
تعليقات