#جريدة_الآن د. سليمان الخضاري: مراقبة الناس بذريعة الدفاع عن الثوابت الدينية والأخلاقية والشرعية وقيم المجتمع أقرب طريق للشهرة والكسب

زاوية الكتاب

كتب سليمان إبراهيم الخضاري 745 مشاهدات 0


الراي

نعم أيها السادة، هذا ما وصلنا له أخيرا في هذه البلاد، فبينما يئن مواطنو دول أخرى من سطوة وملاحقة حكوماتها وتكميم أفواههم، قام الكثيرون منا في هذا المجتمع بما تخصصت به الحكومات القمعية وساروا في نهج مراقبة الناس على سلوكهم وعلى تعبيرهم عن أفكارهم متخذين منهج الملاحقة القضائية والشكاوى القانونية، بناء على نصوص تشريعية غير حضارية، ولا تنتمي لثقافة العصر الحديث لا نصاً ولا روحاً!
هؤلاء السادة الذين تخصصوا في مراقبة الناس بذريعة الدفاع عن الثوابت الدينية والأخلاقية والشرعية وقيم المجتمع المحافظ - التي لم أجد تعريفا واضحا لها حتى اللحظة - لهم من الأهداف ما لهم، لكنهم يبدو أنهم قد «فهموا الطبخة»، وأن أقرب طريق للشهرة والكسب الشعبوي، هو أن تركب موجة المزايدات المحافظة دينياً واجتماعياً فهو ما قد يكسبك صورة البطل المحامي عن «أصالة» المجتمع وقيمه ضد عمليات التغريب واللبرلة... وإلخ، وقد يربحوا «فوق البيعة» تأييداً سياسياً، خصوصاً لأولئك المزايدين ممن يرغب في الترشح لمجلس الأمة أو غيره!
إن ما يقوم به هذا المجتمع من خلال هؤلاء الأفراد وهذه القوانين المتخلفة، يعطل وبشدة مسيرة التطور التي يسير فيها العالم الحر، ويعوق أي محاولة لبناء مناخ ثقافي جديد تتم فيه مقارعة الحجة بالحجة، ويسمح للمجتمع ببناء منظومته الثقافية والأخلاقية بحرية ومن دون خوف، وهم بذلك يجنون على جيل بأكمله ما عاد يفكر كما كان يفكر آباؤه ويتعطش لنقاش كل تلك الأفكار التي يتفاعل معها، من خلال هذا الانفجار المعلوماتي الهائل الذي وفرته شبكة الإنترنت واليوتيوب ووسائل التواصل الاجتماعي!
هل للحرية في تناول ما تعودنا عليه من ثوابت، أعراض جانبية أو سلبية؟
بالتأكيد، فمجتمع يمارس أولى خطواته مع حرية التعبير والتفكير سيتعثر كثيراً وسـ«يخورها» الكثيرون في بعض ما يقولون، وستتفاوت الآراء والحجج والنقاشات، كل بحسب اطلاعه وتعمقه وسعة اطلاعه، لكنها أعراض جانبية لدواء مفيد وهو دواء «الحرية» الذي لا بد للمجتمعات منه، ومع الوقت ستكون الغلبة للأفكار الجادة والطرح القويم والرصين، مصداقا للآية القرآنية: «فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ».
أخيراً...
خذوها مني واعتبروها رهاناً بيني وبين من يختلف معي في قضايا الحريات.
سيذهب المزايدون وأعداء الحرية وأنصار ملاحقة الناس إلى حيث يستحقون من مكان في التاريخ، وهو مكان وموقع لا أخاله مشرفاً، وستنتصر الحرية وأنصارها... ولو بعد حين!

تعليقات

اكتب تعليقك