#جريدة_الآن فهد البسام: الكويت تعاني الجلطات المزمنة المنتشرة بكل أوردة خريطتها

زاوية الكتاب

كتب فهد البسام 712 مشاهدات 0


الجريدة

إذا كانت الشوارع هي شرايين الحياة والحركة لأي بلد، فإن الكويت تعاني الجلطات المزمنة المنتشرة بكل أوردة خريطتها، والحكومة العاجزة عن إدارة شوارعها يصعب الثقة بإدارتها لملفات أخرى أكثر عمقاً وتعقيداً، وليس آخرها ملف "الميد" النووي. وترك الشوارع هكذا "هدد" تسيّر نفسها بالدفع الذاتي بلا والٍ يحكمها لن يحل أزمتها، ففي حين أن التكاسي صارت باصات فإن الباصات بدورها صارت تكاسي بأخلاق الدراجات النارية، فتتجاوز الخطوط الأرضية والحارات بكل خفة، وتتوقف للتحميل والتنزيل أينما يحلو لسائقيها، والشاحنات لا تلتزم بمواعيد تسييرها التي حددها القانون، في حين أن هيئة تنظيم الطرق لا تنظم شيئاً، وأختها هيئة البيئة تزعج صغار المدخنين في زواياهم ولا يلفت نظرها دخان الباصات الكثيف. أما الشرطة فالأخطر من لامبالاة الناس بهم هو انشغالهم بهواتفهم ولامبالاتهم هم بما يجري حولهم، ولن تجدي هنا الطريقة الكويتية بإيكال حل المشاكل للزمن، لأن الزمن في حالتنا هذه سيزيدها انسداداً لن تحمد عقباه، وعلينا ألا نلوم المواطن بعد كل ذلك إذا ما ردد مقولته الفلكلورية بأنه "حتى الوافد صار يخالف القوانين"، فلا أحسبها تنطلق هنا من نظرة عنصرية بقدر ما تعبر عن نظرة شفقة على حال البلد المفضوحة، الذي حتى الغريب اكتشف سره بسهولة وانسجم مع عاداته وتقاليده المكتومة الخاصة بأهله فقط كما يفترض.

أصلحوا الأخطاء الصغيرة وستجد الكبيرة طريقها للحل لاحقاً، لا تعلقوا أزمة المرور مثلاً على تحرير القدس أو حل قضية البدون، لو تفضلتم، رغم أن هذي الأخيرة ستُحل قريباً حسبما سمعنا، هذه كانت النظرية التي طبقها رودي جولياني عمدة نيويورك عندما تسلم منصبه، والتي استطاع من خلالها تغيير وجه مدينته، فمحاربة الأخطاء والتجاوزات الصغيرة، مهما كان حجمها، خطوة أولى للقضاء على المشكلات الكبيرة، وهذا طبعاً كان خلاف النظرية السائدة، وهي التركيز على الجرائم والأخطاء الكبيرة كأولوية، بدلاً من العناية بالمشكلات الصغيرة، فعودة الرجعان مثلاً لن تنقذ حياتك وحياة أبنائك من استهتار سائقي الباصات ورعونتهم، بينما الرجعان ما كان سيقوم بفعلته لو أنه يعرف أن البلد منضبطة ولا تحكمها الواسطات والمحسوبيات، بدءاً من شوارعها حتى الصادر والوراد في أصغر دائرة حكومية، فانعدام الصيانة ووجود الأوساخ في الشوارع وأغلب المرافق العامة يشجعان الناس على المزيد من الاستهتار، الحل حسب النظرية يكون بالاعتناء بالتفاصيل، وإنهاء الأخطاء الصغيرة للقضاء على المشكلات الكبيرة، فالخطأ بأنواعه هو وباء معدٍ ينمو ويتكاثر وينشطر ويتضخم بسرعة، والقضاء عليه يأتي مع القضاء على بذرة الخطأ، والبشر بطبيعتهم مستعدون للانضباط والانتظام إذا ما دخلوا لبيئة شعروا نفسياً بأنها منضبطة ومنتظمة، لكنهم مستعدون للفوضى والانفلات إذا ما أحسوا بأنهم وسط بيئة منفلتة وغير محكومة.

الانضباط المطلوب لا يتعلق بالشوارع فقط، لكن لأنها تجمعنا فالأمر أكثر وضوحاً، فيفترض أنه الأصل في كل الجهات الحكومية، وإذا كانت النظرية تعول على الانطباع الأول وضرورة التأكيد الجاد والمستمر له، فلابد هنا من الالتفات للمطار بصورة خاصة، كونه واجهة البلد ومبدأ أي فكرة وانطباع عنها، بدءاً من نظافته وتنظيمه ووصولاً لأخلاق العاملين فيه، فهو المشهد الافتتاحي الراسخ في ذهن القادم، فماذا نتوقع مثلاً أن يكون الانطباع الأول عن البلد لدى من شاهد أو سمع عن قصة هتك عرض إحدى الوافدات في المطار؟!

دخيل الله والبلد، ضبطوا حالكم شوي، شوي مو وايد، والله راضين.


تعليقات

اكتب تعليقك