#جريدة_الآن د. حمد الأنصاري: الحكومة مشغولة في التفكير بكيفية بيع قطاعات الدولة للقطاع الخاص!
زاوية الكتابكتب حمد الأنصاري يوليو 29, 2019, 11:13 م 698 مشاهدات 0
الراي
قرأت قبل أيام خبراً حول اعتداء بالضرب على أطباء في أحد المستوصفات... هذا الخبر طالما تكرر في السنوات الماضية، فالاعتداء على الأطباء لم يعد خبراً جديداً في الفترة الأخيرة، بل يبدو أن مثل هذه الأخبار باتت طبيعية ومعتادة في ظل التخبط الإداري الحكومي، وعدم وجود قوانين واضحة تحمي الأطباء أو على الأقل التراخي في تطبيق القوانين الحالية التي تعاقب المعتدي على الطبيب!
لا شك أن هناك جهلاً كبيراً في المجتمع حول طبيعة مهنة الطبيب، الذي يفني غالبية سنوات عمره في الدراسة وتطوير الذات، ثم يقضي ما تبقى من حياته في أروقة المستشفيات يعمل على علاج مرضاه، وبالتأكيد لكل قاعدة شواذ، فمثلما هناك أطباء كويتيون وصلوا للعالمية بشهاداتهم وإنجازاتهم، كذلك هناك قلة من الشواذ ممن يقدم مصلحته التجارية على مصلحة المريض، لكنني هنا أتكلم عن الأطباء في وزارة الصحة الذين يواصلون الليل بالنهار من دون مقابل مجز على خلاف الحال في بقية دول المنطقة، ومن دون أدنى تقدير من الحكومة الممثلة بوزارة الصحة، فالطبيب الذي يعمل أكثر من ثلاثين ساعة متواصلة يوم خفارته معرض بشكل كبير للوقوع في خطأ، أما إن حصل وأخذ قسطاً من الراحة أثناء خفارته، فسيجد أحد المتكسبين الانتخابيين يدخل إلى غرفة استراحة الأطباء ليصوره وينشر التصوير في مواقع التواصل الاجتماعي في محاولة بائسة لكسب بعض الأصوات... فيحال الطبيب للتحقيق ويتم تمجيد المتكسب!
عدد ساعات العمل في الخفارة جزء بسيط من مشكلات الأطباء، فهناك العديد من المشكلات التي يعاني منها القطاع الصحي، ويتحملها الأطباء «الحلقة الأضعف» على شكل تعرض للايذاء اللفظي أو الجسدي كما حدث مع بعض الزملاء أخيراً، فالزحام في غرف الطوارئ، وعدم توفر الأسرة في الأجنحة، وتأخر مواعيد الأشعات... ناهيك عن تعرض بعض الأطباء للاعتقال ومعاملتهم معاملة المجرمين حال وقعوا في خطأ طبي... والعديد من المشكلات التي يعود السبب فيها لسوء الإدارة وضعف التخطيط وبالتأكيد انتشار الفساد، وليس للطبيب فيها أي صلة، فمنذ تخرجي في كلية الطب في جامعة الكويت قبل عشر سنوات وعملي في وزارة الصحة، وأنا أسمع الأطباء الكبار يشكون من عدم وجود نظام موحد للتعامل مع حالات الطوارئ، ويشكون من تدخل الواسطة لإدخال بعض المرضى إلى المستشفى من دون حاجة لذلك، بل وتوفير غرف خاصة لهم! ولا تزال تلك المشاكل قائمة حتى يومنا هذا... فمن الملام هنا؟
نعم يعاني الأطباء من سوء تقدير وزارتهم لهم، وعدم وجود سند يحميهم من الظلم الواقع عليهم، وهناك العديد من الأطباء الشباب الذين تركوا العمل في الوزارة واتجهوا نحو القطاع الخاص لهذا السبب، وأعتقد بأن هجرة الأطباء الكويتيين من وزارة الصحة ستزداد في الفترة المقبلة، الأمر الذي يحتاج إلى وقفة جادة من الحكومة لمعالجة ذلك الخلل، فالموضوع لا يحتاج لإعادة اختراع العجلة، بل إن قوانين ممارسة مهنة الطب مكتوبة وجاهزة ومطبقة في جميع الدول، كذلك قوانين حماية الأطباء والمرضى على حد سواء، إلا أن هذه القوانين تحتاج لإرادة سياسية لاقرارها وتنفيذها، ويبدو لي أن هذه الإرادة غير موجودة الآن، فالحكومة كما هو واضح مشغولة في التفكير بكيفية بيع قطاعات الدولة على القطاع الخاص، وآخر همها هو إصلاح وتطوير تلك القطاعات ومنها القطاع الصحي! لذلك لم أعد أستغرب أخبار الاعتداء على الأطباء فهم الحلقة الأضعف!
تعليقات