#جريدة_الآن حمد العصيدان: لا تكاد تنشأ في أوروبا ظاهرة أو موضة صباحاً حتى تراها بعد الظهر في شوارع الكويت!

زاوية الكتاب

كتب حمد العصيدان 750 مشاهدات 0


الراي


كعادته، يتفاعل المجتمع الكويتي بسرعة وقوة مع أي صرعة أو ظاهرة تحدث في العالم حوله، فلا تكاد تنشأ في أوروبا ظاهرة أو موضة صباحاً، حتى تراها بعد الظهر في شوارع الكويت، وإذا أطلقت أميركا هبّة أثناء نومنا في آخر الليل، نصحو صباحاً على متبنيها من الشباب الكويت يتجول في الأسواق والمجمعات التجارية. هكذا هو مجتمعنا الكويتي، ولا سيما جيل الشباب، خصوصا المندفع منهم وراء التقليد، وهي ظاهرة ينفرد فيها المجتمع الكويتي - من حيث سرعة التجاوب والتأثر - عن نظرائه من المجتمعات الخليجية والعربية.
وبعيداً عن تفسيرات المتخصصين، من علماء النفس والاجتماع، حول أسباب انتشار أي ظاهرة واستشرائها في مجتمعنا، فمن المؤكد أن هناك حلقة تربوية مفقودة بين الأهل والأبناء، ونقصد هنا بالذات الأبناء المتأثرين بالصرعات والمقلدين، لأن هناك عائلات وأسرا تقوم على تربية أبنائها التربية الصحيحة وتحافظ عليهم حتى بعد تجاوزهم مرحلة المراهقة والشباب. ولكن ذلك لا يمنع بطبيعة الحال من اختراق سرطان ما يسمى بـ«الفاشينستات» عقول الأبناء وتفكيرهم، وهم يرون تلك الفئة تضرب ضربتها وتحقق من الشهرة والمال ما لا تستطيع تحقيقه أعلى الشهادات العلمية والأعمال التجارية، وهذا ما يدفعنا للقول بثقة إن تأثير تلك الفئة من الفاشينستات، ولا سيما العنصر النسائي منهم، على الجيل الجديد أصبح كبيرا إلى درجة الهوس، وهو ما استغلته تلك الفئة أفضل استغلال وحققت من ورائه ثروات كبيرة يسيل لها اللعاب، وتدفع الكثيرين والكثيرات إلى التفكير بسلوك هذا الطريق، ولا سيما أن مؤهلاته لا تتجاوز الشكل وبعض المعايير الشخصية الخاصة.
وبغض النظر عما جرى الأسبوع الماضي من وفاة مواطنة واتهام إحدى الفاشينستات بأنها تسوق مواد طبية تسببت في وفاتها، قبل تبرئة وزارة الصحة للمنتج الذي تروج له، فإن تأثير تلك الفئة من البشر، وأركز هنا على العنصر النسائي، أصبح مخيفاً على أبنائنا، إلى درجة الهوس، وقد تابعنا بعض المحلات التجارية تستغل بعض الشهيرات للترويج لها ولبضاعتها، حيث تحضرها إلى المحل لتجر خلفها متابعيها، حيث يكفي للفاشينستا أن تقول على حساباتها في وسائل التواصل إنها ستكون في المحل الفلاني الساعة كذا، حتى ترى المئات بل الآلاف من الشباب والبنات، بلا مبالغة ينتظرونها ويتهافتون للتصوير معها، وقد رأينا منظراً مخزياً من التعلق بتلك الفئة من أطفال ومراهقين يبكون أمام تلك الفاشينستا في أحد المحلات للحصول على علبة من مواد تسوق لها، ما يؤكد كلامنا بأن تأثير هذه الشريحة من البشر أصبح سرطانيا، مع أنها - أو الغالبية الساحقة من عناصرها - لا تمتلك أي مؤهلات علمية، ولا شخصية سوى المظهر الذي تلعب عليه، ليس ذلك فحسب، بل هناك حرب شرسة تجري بين الفاشينستات أنفسهن، وكل واحدة تتسلح بجيشها من المتابعين لتهاجم خصمتها، والإساءة إليها، والضحية في كل الحالات هم أبناؤنا الذين ينخدعون بالمظاهر والصرعات، ويقعون في حبائل هؤلاء الذين يقطفون الثمار مئات الآلاف من الدنانير نظير التسويق لهذا المنتج أو ذاك المحل، وقد تابعنا منذ فترة أن النيابة العامة حققت مع بعضهن لأن حساباتهن المصرفية تضخمت بشكل هائل ومن غير مبررات.
في المحصلة ان هؤلاء الفاشينستات لا يمثلن - أو يمثلون - مجتمعنا المحافظ المتمسك بقيمه وعقائده، وهذه الهبّة المستوردة، ستزول كما زالت من قبلها هبات كثيرة، مع أن هذه الأخيرة طال بقاؤها، ولكن رهان زوالها على الأهل بالتربية الصحية والتنشئة الصالحة للأبناء.

تعليقات

اكتب تعليقك