#جريدة_الآن تغييرات جذرية في الحكومة البريطانية الجديدة تجعلها اكثر استعدادا ل(بريكسيت)
عربي و دوليالآن - كونا يوليو 28, 2019, 2:30 م 310 مشاهدات 0
انتهى رئيس الوزراء البريطاني الجديد بوريس جونسون من توزيع الحقائب الوزراية والمناصب الإستشارية المهمة في غضون ساعات فقط من تنصيبه رسميا يوم الأربعاء الماضي الأمر الذي اعطى انطباعا قويا بأنه سيباشر العمل على عجل لحل معضلة خروج المملكة المتحدة من الإتحاد الأوروبي (بريكسيت).
وفرض جونسون على كل من يقبل بمنصب وزاري في حكومته الالتزام علنا بدعم سياسة الخروج من الاتحاد الاووروبي بوضوح والعمل على إنجاحها فضلا عن الانضمام "إيديولوجيا" الى الوزراء ال14 المعينين اخيرا ممن شاركوا معه في حملة تأييد (بريكسيت) قبل استفتاء عام 2016.
وأظهرت تلك التغييرات الجذرية في الحكومة الجديدة أن لندن تبدو هذه المرة أكثر إستعدادا للفصل في قضية (بريكسيت) في الأشهر الثلاثة المقبلة حتى وصف أحد المحللين البريطانيين الحكومة الجديدة بأنها "مجلس حرب" يستعد لمواجهة (بريكسيت) وذلك بعد انتظار طال ثلاثة أعوام.
وعلى عكس رئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماي التي حصلت على تأييد ستة وزراء فقط للخروج من الاتحاد وسط معارضة شديدة من اخرين اسفرت عن استقالة 13 وزيرا من حكومتها فقد حرص خليفتها على ألا يضم مجلسه الوزاري سوى من يؤمن بقضية (بريكست).
ومن أبرز الأسماء المؤيدة للخروج من الاتحاد وزير الخارجية الحالي ووزير (بريكسيت) الأسبق دومنيك راب ومستشار دوقية لانكستر مايكل كوف ووزيرة الداخلية بريتي باتال ووزير التربية (الدفاع سابقا) غافين ويليامسون ووزيرة الأعمال اندريا ليدسوم فيما اضطر وزير الخزانة ساجد جافيد ووزيرة العمل والمعاشات أمبر راد إلى تغيير قناعاتهما السياسية بشكل جذري.
ومن خلال خطابين ألقاهما جونسون يوم تنصيبه وأمام نواب مجلس العموم في اليوم التالي يبدو واضحا أن الحكومة البريطانية ستدخل قريبا في صدام مباشر مع المفوضية الأوروبية من أجل دفعها للقبول بإعادة فتح المفاوضات وتعديل نقاط خلافية في مسودة الإتفاق الأول أهمها آلية التجارة والجمارك عبر الحدود البرية الفاصلة بين إيرلندا الشمالية وجمهورية إيرلندا.
وفرض الأوروبيون في مسودة الاتفاق الأول الآلية كشبكة أمان للتعامل مع احتمالية خروج بريطانيا نهائيا بعد انقضاء مدة الفترة الانتقالية التي تتبع (بريكسيت) وتنتهي يوم 31 ديسمبر 2020 دون تمكن لندن وبروكسل من ابرام اتفاق للتجارة الحرة.
ولايكمن جوهر الخلاف ليس في الآلية بحد ذاتها وإنما في الشروط المصاحبة لتنفيذها ومنها عدم تحديد مدة تطبيقها وعدم قدرة بريطانيا على وقف العمل بها من جانب واحد دون موافقة الاتحاد الاوروبي.
ويعني هذا في نظر أنصار جونسون أنه لو قرر الاتحاد الأوروبي لأي سبب ما تعطيل او تمديد مفاوضات التجارة الحرة إلى ما بعد نهاية ديمسبر 2020 فستدخل آلية التجارة حيز التنفيذ لفترة غير محددة قد تجبر بريطانيا على البقاء في السوق الأوروبية المشتركة إلى أجل غير معلوم.
وشكل هذا الجدل بين رفض بروكسل تعديل اي شرط من شروط الآلية واعتراض النواب البريطانيين على دعم مقترح مثل هذا "القشة التي قصمت ظهر حكومة ماي" وعجلت باستقالة عدد كبير من وزرائها ممن اعتبروا ان رئيسة الوزراء لم تمارس ضغطا بالقدر الكافي على الجانب الاوروبي.
ويبدو من خطابي جونسون انه مدرك بشكل كبير لأهمية الضغط على الجانب الاوروبي ولذلك حمل خطابه الأول تهديدا صريحا بأن حكومته لن تدفع مبلغ 39 مليار جنيه إسترليني (حوالي 50 مليار دولار) في حال الخروج من دون اتفاق وهذا الخيار سيقع اذا رفضت بروكسل تعديل مسودة الإتفاق.
ولهذا يفضل جونسون في هذه المرحلة "لعب ورقة الضغط دون مماطلة" على الجانب الأوروبي لإرغامه على تغيير موقفه الرافض للعودة الى طاولة المفاوضات لأن هذا الطريق هو الأسهل بالنسبة له مقارنة بالطريق الثاني المرتبط بمجلس العموم البريطاني والخلافات بين نواب الحزب الحاكم أنفسهم ناهيك عن احزاب المعارضة.
وفي حال تمسك الأوروبيون بموقفهم وهذا ما يبدو واردا فلن يكون أمام جونسون اي خيار سوى تمرير مسودة الإتفاق بصيغتها الحالية في البرلمان البريطاني وهو يدرك تماما بأن تيريزا ماي فشلت في أربع محاولات متفرقة في تمريرها ولاقت معارضة شرسة من جانب نواب المعارضة والموالاة على حد سواء.
وتكمن المعضلة السياسية الأكبر بالنسبة لحكومة جونسون وقبلها حكومة ماي في افتقارهما للأغلبية في البرلمان والأسوأ من ذلك استعداد عدد كبير من النواب المحافظين للتمرد بسبب معارضتهم المبدئية للخروج من الأساس أو لفكرة الخروج من دون اتفاق.
وبالنظر الى تركيبة مجلس العموم وتناقضات الحزب الحاكم ستواجه الحكومة الجديدة نفس العقبات السابقة مع اختلاف جوهري يكمن في ان حكومة ماي كان في يدها نحو ثلاثة اعوام لتنفيذ الخروج بينما بقي في يد حكومة جونسون اقل من 95 يوما.
واستبق نواب المعارضة بالتحالف مع نواب محافظون ابرزهم وزير شؤون الشرق الأوسط وشمال افريقيا السابق أليستر بيرت رحيل ماي بتمرير عريضة تمنع على جونسون استخدام آلية دستورية تجيز له إحالة مجلس العموم على إجازة اجبارية اذا أراد ان يقر خروجا دون اتفاق ودون ان يقف النواب في طريقه.
ولذلك فلن يبقى في يد جونسون لو اضطر الى شق المسلك الثاني المحفوف بتناقضات البرلمان سوى المخاطرة بالدعوة لانتخابات عامة مبكرة في سبتمبر المقبل يأمل منها الحصول على تفويض شعبي اكبر وإزاحة النواب المعارضين له من كل التشكيلات السياسية مرة واحدة.
اما اذا جاءت الانتخابات بمزيد من النواب المعارضين ل(بريكسيت) او بعودة حزب العمال للحكم فستصبح حكومة جونسون الأقل عمرا في تاريخ بريطانيا.
تعليقات