#جريدة_الآن يوسف عبدالرحمن: داء خبيث بدأ يسري في تجمعاتنا في الكويت!

زاوية الكتاب

كتب يوسف عبد الرحمن 794 مشاهدات 0


الأنباء

هناك مرض منتشر عندنا في تجمعاتنا في الكويت هو مرض النميمة! أسمعت عن هذا المرض؟!

إنه ـ والله ـ داء خبيث بدأ يسري على الألسن فيهدم ـ للأسف ـ العلاقات الإنسانية والأخوية ويقطع الأرحام ويثير العداوات ويفرّق الأحبة. وصدق من قال: النميمة ذميمة!

وحتى نتعرف على هذا المرض الخبيث أصحبكم معي في هذه المساحة الورقية:

على الإنسان السوي صاحب الفطرة السوية أن يتمسك بحبال المحبة ويتجمل بالأخلاق ويتذكّر دائما قول الله تعالى في محكم تنزيله: (إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدّكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون) المائدة: 91.

عزيزي القارئ الكريم، الله سبحانه وتعالى أمرنا بالتآلف بين القلوب وحفظ ألسنتنا عن لغو الكلام في الناس دون تثبت أو دليل ولا نتكلم إلا الكلام الذي فيه مصلحة عامة أو خاصة ومسك ألسنتنا عن «القيل والقال»!

كثيرا ما نُسأل عن النميمة!

حقيقة النميمة ـ كما أراها ـ هي «إفشاء السر وهتك الستر»!

كل ابن آدم يكره أن يتكلم الناس فيه. والنميمة نقل الكلام من ناس الى ناس وهو كلام كله لغط وافتراء وبهتان على الإنسان البريء!

النمام ـ عزيزي القارئ ـ يكون هنا مقام الشيطان لأن عمل الشيطان الوسوسة وعمل النمام بالمواجهة والمعاينة، وصفة «النميمة» هي أنها من أقبح القبائح، وللأسف، كثر انتشارها في هذا الزمان بين الناس ولا يسلم من النميمة إلا القليل!

والنميمة محرمة شرعا بإجماع المسلمين وهناك أدلة كثيرة لها من الكتاب والسنّة وإجماع الأمة!

وقد أجمعت الأمة على تحريم النميمة لأنها توقع العداوة والبغضاء بين المسلمين، وأدلتها كثيرة من الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة.

قال تعالى: (همّاز مشّاء بنميم) القلم: 11.

وقال تعالى: (ويلٌ لكل هُمزة لُمزة). وقيل الهمزة: النمام!

والنميمة تنشر العداوة والبغضاء بين الناس، كما أن الحطب ينشر النار!

والنميمة تلحق الأذى بين المؤمنين وتفسد العلاقات الإنسانية وتفرّق الأحباب والأصحاب، قال تعالى: (والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا) الأحزاب: 58.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يدخل الجنة نمام»!

ويقال إن ثلث عذاب القبر من النميمة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

٭ ومضة: بواعث النميمة كثيرة وخفية وأرجعها الى أولا الجهل لأن كثيرا من الناس لا يعلمون بحرمة النميمة وانها من كبائر الذنوب وتؤدي إلى شر مستطير، وتفرق الناس والأحبة وتهدم البيوت، وثانيا هي تشفّ وتنفيس عما في داخل النفس من غل وحسد ومحاولة التنقص من المحسود أمام الناس!

إضافة الى أنها مسايرة أحيانا كثيرة لمجاملة (البعض)، والتقرب اليهم خاصة الذين «يرخون آذانهم» للهمس والتحريض و.. و.. و..!

وأخطر النميمة من يسعى بها لإيقاع السوء بالمحكى عنه عند سلطان جائر أو من بيده قوة وسلطة لإلحاق الضرر به!

وهناك من يتقرب بها لإظهار الحب والتقريب للمحكي له ليصير من «أعوانه) وينقل إليه ويزيد ويحرض وأحيانا ممارسة دور اللعب والهزل ونقل «طايح الكلام» ونشره بين الناس.

٭ آخر الكلام: الإنسان النمام فاسق وعليك إن سمعت منه أن تلجمه أو تغادر المكان ولا ترضى لنفسك ما نهيت النمام عنه وقبول كلامه، هذا يعني أنك مثله تماما ومغتاب!

٭ زبدة الحچي: لا ترض بصداقة نمام حتى لا تتعب في حياتك لأن النمام ومن هم على شاكلته يمارسون الكذب والغيبة والغدر والخيانة والحسد والنفاق والإفساد بين الناس والخديعة وهم والله ممن يسعون في قطع ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض!

لقد وصف القرآن الكريم النمام بتسع صفات كلها ذميمة وهي:

إنه (حلاف)، كثير الحلف غير صادق يعرف أن الناس يكذبونه ولا يثقون فيه، فيحلف ليداري كذبه ويستجلب ثقة الناس.

وإنه (مهين) لا يحترم نفسه ولا يحترم الناس وانه (همّاز) يهمز الناس ويعيبهم بالقول والإشارة في حضورهم وغيابهم على حد سواء!

وإنه (مشاء بنميم) يمشي بين الناس ليفسد قلوبهم ويقطع صلاتهم.

وإنه (منّاع للخير) يمنع الخير عن نفسه وعن غيره.

والسادسة كما أراها أنه معتد.. متجاوز للحق والعدل.

أما السابعة فإنه (أثيم)، يتناول المحرمات ويرتكب المعاصي، أما الثامنة فإنه (عتلٌ) وهي صفة تجمع خصال القسوة والفظاظة فهو ذو شخصية كريهة غير مقبولة، وأخيرا انه (زنيم) وهذه خاتمة لصفاته القذرة أي انه (ولد زنا) فلا يكتم حديثا لأنه مريض من داخله ناقم على المجتمع الذي هو فيه.

أخي القارئ: هذا هو النمام الأشر ذو الوجهين!

قال الشاعر:

يسعى عليك كما يسعى إليك فلا

تأمن غوائل ذي وجهين كيَّاد

اعلم عزيزي القارئ الكريم: ان البهتان على البريء أثقل من السماوات والصمت سلامة وهو الأصل والسكوت في وقته صبغة الرجال وزينة النساء وفي موضعه أشرف الخصال.

قارئي العزيز إياك والغيبة فإنها ثلاث جنايات:

- بغضت إلى أخي!

- شغلت قلبي بسببه!

- اتهمت نفسك الأمينة!

علاج النميمة قوله تعالى: (إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء) المائدة: 91، وتذكر أنك متعرض لسخط الله ومقته وعقابه، فاحبس لسانك فلا تتبع عورات الناس فيفضحك الله ولو كنت في جوف بيتك!

عليك بالرفقة الصالحة وتذكر أن وراءك الموت وقصر الدنيا مهما طالت فكن دائما مستعدا للدار الآخرة، فلا تدع للنمام الشيطان أن يجرك إلى دربه وسوء صنيعه، ولا تصغ له وابرأ إلى الله من فعله.. حفظ الله ألسنتنا وسمعنا وبصرنا.. في أمان الله.

تعليقات

اكتب تعليقك