#جريدة_الآن يوسف عبدالرحمن: لماذا كل دول العالم تسير بها خطط التنمية وتمارس الحرية والتعبير.. ونحن مازلنا دولا متخلفة؟

زاوية الكتاب

كتب يوسف عبد الرحمن 544 مشاهدات 0


الأنباء

عند اي تفريق بين الحرية والعدالة لا يصبح اي منهما آمنا!

الحرية كلمة متداولة في مجتمعاتنا اليوم في ظل معايشتنا للعولمة وفتيل اشتعال الثورات التي سميت بالربيع العربي!

قالها الشاعر إيليا ابو ماضي:

حر ومذهب كل حر مذهبي

ما كنت بالغاوي ولا المتعصب

وعلينا كآباء وامهات وقيادات ومسؤولين ان نعي هذا المصطلح وأهميته في حياتنا الفكرية، خاصة مع شبه سيطرة التأثير الغربي علينا وارتباط انظمة الحكم المختلفة بالانظمة الغربية وتبعات هذا علينا وعلى اجيالنا خاصة بعد تعاظم مصطلح «حرية التعبير» وتبني الفكر السياسي العربي لهذا الفكر المسمى اليوم بالفكر الليبرالي الغربي!

واقعنا العربي على مستوى الحريات في ظلمة حالكة ومنزلقات خطيرة!

طبعا انا وغيري لا نستطيع ابدا نكران ارتباط اعلامنا العربي وايضا الاسلامي بهذا «النظام الغربي الليبرالي»، لأن معظم وسائل الاعلام تنشر هذا الفكر وتتبناه وهو الميدان المتاح للنخب السياسية المتبنية للفكر الديموقراطي، وما تحث عليه من خلال التعبير الحر والمعارضة والنقد!

وطول عمر اعلامنا يعمل بردة الفعل ولم يصنع لنا يوما نصرا مجيدا لأنه تابع ومتبوع للاسف!

بالتأكيد الاعلام الاسلامي في الثمانينيات والتسعينيات افضل من الآن بكثير، لتراجع الصحوة الاسلامية وتبني الدول العربية مجتمعة «تسكين» وشل حركة التيارات المحافظة مما يشكل بالفعل عقبة امام الفكر الاسلامي ان ينشر أبجدياته وأولوياته وغاب «صوت الشريعة» وبيان حدودها وطبيعتها واصبح الموقف الشرعي غائبا عن المشهد للاسف!

ظلت مجتمعاتنا سنوات وهي تتناقش حول مفهوم الحرية والعبودية والمفهوم الشرعي للحرية ودور الشرع في ترشيدها ومقارنة شريعتنا بالفكر الغربي وادوار الحرية الفردية والاسرية والمسؤولية الاجتماعية الملقاة على الانظمة والشعوب!

قال نيلسون مانديلا بعد سجن 28 عاما: «الحرية لا يمكن ان تعطى على جرعات، فالمرء اما ان يكون حرا او لا يكون حرا»!

وتعرضت الشريعة وانصارها الى اضطهاد ليس في دول الاقليات المسلمة وانما في بلدانها المسلمة، وتطرفت بعض الدول العربية في هذا المشهد واصبح كل شيء ديني ارهابا!

تعلمنا ونحن على مقاعد الدراسة ان الاسلام كفل لنا مناقشة كل احكامه وخاصة الامر بالمعروف وتقديم النصيحة والتعاطي مع الشورى، وكلها صور جميلة من ممارسة التعبير وتقرير المصير!

وتبقى الحقيقة: ثمن الحرية هو اليقظة الدائمة!

الأسر العربية والمسلمة صارت في حيرة، فنشر العلم مطلب شرعي وصارت مناهج المدارس «ضحلة» ليس فيها الا قشور الدين، ومع وجود كل هذه الفضائيات والسماء المفتوحة بالشبكة العنكبوتية دخل بديل منافس للمدارس والمساجد ودور العبادة وجمعيات المجتمع المدني الا وهو «الانترنت» الساحر العجيب الذي اضاع كثيرا من الشباب لاتباعهم فتاوى ضالة مضلة ربطتهم بالجماعات التكفيرية والارهابية وصارت «الاسر» في حالة من الحيص بيص!

سيدنا عمر رضي الله عنه يقول: «متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احرارا».

٭ ومضة: الاصل في الاسلام بالنسبة للتعبير هو القيد والالزام وليس الحرية والاختيار، سواء كان القيد او الالزام بالفعل او كان بالترك خاصة في حال ما اذا كان الامر متعلقا بحماية الدين والدفاع عنه او متعلقا بمصلحة الامة ومقوماتها العلمية والعملية او بالمجتمع في عقيدته واخلاقه ومثله ومصالحه، او كان متعلقا بالغير وحقوقهم ما دام الانسان قادرا مستطيعا، وان الحرية وهي الإباحة والتغيير تأتي في صور محددة حال ما اذا كان الحق متعلقا بالشخص ذاته فله الخيار بين الفعل والترك!

ويبقى السؤال: لماذا كل دول العالم تسير بها خطط التنمية وتمارس الحرية والتعبير.. ونحن مازلنا دولا متخلفة؟

أعود وأوضح ان المعنى الدقيق للحرية في الاسلام هو الانضباط بضوابط محددة لا تقبل التأويل ولا تهمل واجبا عاما في سبيل تحقيق مصلحة خاصة وترقى بالنفس الى مستوى المسؤولية الكاملة والشعور الحي بحقوق الآخرين.

ولنتذكر دائما: لكل شيء في العالم ثمنه.. الا الحياة والفكر والحرية.. ومن يحاسب من؟

٭ آخر الكلام: ما أحوج مجتمعاتنا الى تربية وتعليم تعلمنا الحرية وحدودها وضوابطها وآفاقها ومجالاتها وان نتفهم ماذا يقدم الاعلام لنا في تمثيلياته وبرامجه!

وما احوجنا لان نوازن بين ما ينبغي ان يقال ومتى يقال وكيف يقال؟

هناك اليوم خلل مدمر في النظر الى حجم «حرية التعبير» والتعامل معها، فكم تعسف يرتكب! وبحجة المحافظة على الحريات ديست القيم والدفاع عن الثوابت الاسلامية والحريات وليس لنا مخرج من كل هذا الا بفهم حقيقي لهذا الدين القيم والشريعة الاسلامية الغراء وإظهار وسطية الاسلام!

سألني أب ماذا أعلم ابني وانا معه في الغربة الأوروبية؟ قلت: علمه ان الحرية ان تكون عبدا لمن خلقك وسواك وعدلك!

٭ زبدة الحچي: ينبغي اليوم على «واضعي المناهج» تمييز الاسلام بمنهجيته ونظرته للحياة واساليب ممارستها مما يستدعي التحري والتثبت والنقد الواعي لما يأتي من مفاهيم ومصطلحات وتقويمها في ضوء نصوص الشرع ومفاهيمه مما يعود على المسلمين بمزيد من الاتزان والالتزام بشرع الله عز وجل وعلى حياتهم بمزيد من الاستقامة، ولأن الحرية تعني المسؤولية لذلك يفزع منها معظم الناس!

تعليقات

اكتب تعليقك