#جريدة_الآن د. حمد الأنصاري: مجلس الأمة وسلق دور الانعقاد!

زاوية الكتاب

كتب حمد الأنصاري 884 مشاهدات 0


الراي

اختتم مجلس الأمة الأسبوع الماضي أعمال دور الانعقاد الثالث لهذا الفصل التشريعي، ويبدو واضحاً أن المجلس كان على عجلة لاتمام أعمال دور الانعقاد، فأنجز في جلساته الأخيرة العديد من القوانين، بالإضافة لإقرار الميزانية العامة للدولة، كما تخلل تلك الجلسات استجواب وزير المالية والتصويت على منحه الثقة؛ أي تم دحض الحجة الحكومية القائلة بأن الاستجوابات تعطل التشريع، ولعل المثير أن مجلس الأمة أقر ثمانية قوانين تتكون من 682 مادة خلال جلسة واحدة مدتها ست ساعات؛ أي 360 دقيقة لمناقشة كل تلك المواد!
هذا «السلق» للقوانين بهذه الطريقة هو السبب الرئيسي لفشل تلك القوانين وخروجها بشكل سيئ كما حدث مع قانون تنظيم مهنة المحاماة، حيث تم تعديله بحيث يمنع أساتذة القانون من مزاولة المحاماة في وقت يسمح فيه لخريّجي كلية الشريعة ممارستها! لكنني لا أستبعد أن السادة النواب تعمدوا تمرير تلك القوانين بهذه الطريقة المريبة لإثارة الجدل في الشارع كما حدث بعد إقرار قانون المحاماة، وبالتالي تشتيت الأنظار عن «سلقهم» للميزانيات، وإهمالهم مراجعة الحسابات الختامية للميزانية العامة للدولة ولميزانيات الجهات المستقلة والملحقة التي تبيّن ما تم صرفه في العام الماضي والأعوام السابقة.
هكذا اختتم دور الانعقاد قبل الأخير بإقرار مجموعة كبيرة من القوانين خلال فترة زمنية قياسية، ليدخل النواب فترة العد التنازلي لانتخابات مجلس الأمة المقبل وفي رصيدهم مجموعة من القوانين يواجهون بها ناخبيهم، ويدافعون بها عن فشلهم الرقابي وعجزهم عن محاسبة الحكومة، وفشلهم التشريعي وعجزهم عن إقرار القوانين التي تصدرت حملاتهم الانتخابية!
الشاهد في الأمر أن ما يحدث للمؤسسة التشريعية اليوم له سبب واحد رئيسي رغم اعتقاد البعض أن هناك أسباباً عديدة، فقد يتصور البعض أن سبب تردي العمل البرلماني هو نظام الصوت الواحد المجزوء، وقد يعتقد البعض أن السبب هو القوة الحكومية، لكن عندما نرجع للحقائق سنجد أن هذا الوضع البرلماني ليس بجديد، فمنذ تأسيس مجلس الأمة قبل أكثر من خمسين عاما وحتى يومنا هذا لم تكن هناك غالبية برلمانية معارضة، والاستثناء الوحيد كان مجلس 2012 المبطل الأول، والحقيقة أن هناك عشرة نواب حاليين من كتلة الغالبية في ذلك المجلس، ولو أضفنا لهم المجموعة الجديدة المعارضة من النواب لوصل العدد إلى عشرين نائباً حالياً، أي 40 بالمئة من النواب المنتخبين، وهي نسبة ليست هينة، بل أعتقد أنها كافية لخلق رأي عام ضاغط على الحكومة، لكن المشكلة ليست في قانون الانتخاب فقط ولا السيطرة الحكومية فقط!
المشكلة الأساسية هي الخلل الكبير في المنظومة السياسية التي تعتمد على الفوضى والعمل الفردي، لذلك نجد النواب متناقضين في آرائهم وقراراتهم كل حسب ما يخدم مصالحه الخاصة، فنجد النائب يصوت بالموافقة على القانون أثناء مناقشته في اللجان ثم يعلن رفضه للقانون أثناء التصويت عليه في مجلس الأمة، والآخر يوقع ورقة طرح الثقة في الوزير ثم يصوت على منحه الثقة!
هذا التخبط لن يكون موجوداً لو كانت المنظومة السياسية تعتمد على العمل الجماعي المنظم، إذ كنا سنجد أنفسنا نصوّت لبرنامج عمل وليس لأشخاص، وسنرى النواب يعملون وفق استراتيجية ورؤية جماعية وانسجام بدلاً من التخبط والتصادم النيابي النيابي كما يحدث اليوم، هذه هي مشكلتنا الأساسية والسبب الرئيسي الذي يجمع الأسباب الأخرى كسوء النظام الانتخابي والسيطرة الحكومية... إلخ، لذلك أرى أن إصلاح المنظومة السياسية هو المفتاح للإصلاح الشامل، وهو ما يجب أن نسعى إليه.

تعليقات

اكتب تعليقك