#جريدة_الآن داهم القحطاني : طينوها..!

زاوية الكتاب

كتب داهم القحطاني 779 مشاهدات 0



القبس
لماذا كانت تبنى بيوت الكويتيين في الماضي من الطين؟
الأمر لا علاقة له بالإمكانات فقط، بل بقدرة المادة الطينية على عكس حرارة الشمس، وبالتالي جعل المنازل باردة نسبياً من الداخل خلال فصل الصيف، ودافئة شتاءً، وذلك لقدرة الطين على الاحتفاظ بالحرارة النابعة من الداخل.
كذلك كان تصميم البيوت يتناسب مع تيارات الهواء واتجاهات الشمس، بما يحقق أكبر قدر من تخفيض حرارة الشمس صيفاً، والاستفادة من هذه الحرارة شتاءً.
هذا الذكاء الفطري، الذي نضج مع مرور الأزمان، جعل أجدادنا يواجهون الحرارة العالية للأجواء بتكاليف قليلة، وبأدوات بسيطة.
علينا بمثل هذا الذكاء في عام 2019 لمواجهة مشكلة الاحتباس الحراري، التي جعلت الكويت ضمن أسباب أخرى، تضم مناطق مأهولة بالسكان أو العمال، اعتبرت الأعلى حرارة في العالم.
نظم البناء الحديثة توفر الأجواء الباردة، التي تجعل منزلك أبرد من نظيره في مدينة لندن، لكن ذلك يحدث بتكلفة عالية عليك كمستهلك، وكدولة، وحتماً هذه التكلفة ستصل إلى مرحلة تفوق قدرات الدولة والناس، مما يجعل الحل الأمثل اتخاذ قرار حتمي يقضي بتغيير فلسفة البناء في الكويت بشكل جذري.
بغض النظر عن مشكلة الاحتباس الحراري، فهناك انتقادات توجه لنظم البناء في الكويت، فهناك استخدام مبالغ فيه للحديد المسلح، وهناك كميات هائلة تستخدم من الاسمنت، وقد تحدث بيئيون وسياسيون كثر مراراً عن ذلك، لكن لم تتخذ أي إجراءات عملية لمعالجة هذا الخلل.
الإجراء الوحيد الذي جرى كان اكتشاف وزارة الأشغال قبل سنتين أن كميات الخرسانة المسلحة المستخدمة في المشاريع الحكومية منذ ثمانينات القرن الماضي كانت أكثر من المطلوب، نتيجة لما قيل أنه خطأ في ترجمة تقرير الشركة الاستشارية الأجنبية، بحيث كان رقم معادل الخرسانة المسلحة في الترجمة العربية أعلى من النص الأصلي.
هذا التصحيح، ووفقاً لتصريح رسمي، وفر على الدولة عشرات الملايين من الدنانير في 3 مشاريع حكومية كبرى فقط، وبالتالي كبّد الدولة خسارة مئات الملايين من الدنانير، كان يمكن أن توجه لمشاريع أكثر.
إذن تغيير نظم البناء لن يكون حلاً لمواجهة مشكلة الاحتباس الحراري فقط، بل سيوقف النفقات الهائلة، وسيوفر من هذه النفقات في بعض المناحي، كما حصل في المشاريع الحكومية.
تغيير نظم البناء في الكويت بالاستعانة بنظم حديثة يعطي قوة ومتانة أكبر من الخرسانة المسلحة، وفي الوقت نفسه فإن تخفيض حرارة الشمس أمر يمكن تحقيقه في المشاريع الحكومية الجديدة، وفي مشاريع القطاع الخاص، وبالتالي يمكن لنا أن ننعم بدرجات حرارة منخفضة مع تكاليف أقل، تماماً كما فعل أجدادنا بذكائهم الفطري.

تعليقات

اكتب تعليقك